elwardianschool
 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ 282511_266363923390799_100000515812319_1108688_1944685_n
elwardianschool
 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ 282511_266363923390799_100000515812319_1108688_1944685_n
elwardianschool
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

elwardianschool

مـنـتـدى مـــكـتـبــة مـدرسـة الـورديـان الـثـانـويـة * بـنـيـن...( تعليمى.متنوع.متطور )

 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
نتمنى لكم قضاء وقت ممتعا و مفيدا فى المنتدى

 

  رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
mohammed_hmmad
Admin
Admin
mohammed_hmmad


ذكر عدد المساهمات : 15166
نقاط : 25305
تاريخ الميلاد : 22/05/1966
تاريخ التسجيل : 17/04/2009
العمر : 57

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Empty
مُساهمةموضوع: رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ    رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Emptyالأربعاء 08 نوفمبر 2017, 2:30 am

رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ


الثلاثاء 18 من صفر 1439 هــ 7 نوفمبر 2017 السنة 142 العدد 47818




التطور لا يحدث إلا فى اتجاه المستقبل والتنبؤ لا ينشغل بغير المستقبل. المستقبل إذن هو المشترك بين التطور والتنبؤ. ومع ذلك فثمة إشكالية كامنة فى هذه الصياغة وفى الإمكان صياغتها على هيئة سؤال: هل فى إمكاننا قراءة المستقبل من غير أن يكون مسجلاً فى التاريخ؟ ومع ذلك فإن هذه الصياغة ذاتها رغم دقتها إلا إنها تنطوى على تناقض وهو أن التاريخ ذاته لا يعنيه إلا الماضي. قد توحى هذه الصياغة بأن يكون الجواب بالسلب وإذا كان ذلك كذلك فالنتيجة اللازمة تكمن فى عدم المضى فى كتابة هذا المقال. ولكن ماذا لو كان الجواب بالايجاب؟ إنه يعني، فى هذه الحالة، أن يكون لدينا مؤرخ للمستقبل على غرار ما لدينا حتى الآن من مؤرخ للماضى. والذى دفعنى إلى إثارة هذا الذى أثرته هو قراءاتى أكثر من كتاب يدلل على صحة هذه الإثارة. فثمة كتاب عنوانه «مستقبل مؤسس على ايمان» (2012). وقد جاء فيه أن الاصلاح الدينى لن يكون ممكناً إذا كانت نقطة بدايته الترحال من الحاضر إلى ماض يقال عنه إنه العصر الذهبى من أجل إعادة تجسيده فى الحاضر. ومغزى هذا الشرط أن الاصلاح الدينى مرهون برؤية مستقبلية وليس برؤية ماضوية. وثمة كتاب آخر عنوانه الرئيسى «تاريخ موجز للمستقبل» وعنوانه الفرعى «جذور الانترنت». جاء فيه أن الانترنت مفتوحة على المستقبل. ويترتب على ذلك بزوغ سوق حرة خاصة بتداول الأفكار المبدعة الأمر الذى يلزم منه انهيار مؤسسة المحرمات الثقافية فى مواجهة ثورة معلومات بقيادة «الانترنت» التى يقال عنها إنها مستقبل الاقتصاد. ومن هنا صُك مصطلح homo internetus أى الإنسان الانترنيتى الذى هو تطوير لمصطلح homo sapiens أى الإنسان الحكيم. وإذا طلبت مزيداً من الإيضاح عن مصطلح «الانترنت» فجوابى أنها شبكة كوكبية مكونة من شبكات كومبيوترية. والمعنى الموجز أنها آلة كوكبية، وقد ترتب على ذلك أننى صككت مصطلحاً جديداً هو homo globus أى الإنسان الكوكبى المؤلف من كائن حى هو الإنسان وكائن جامد هو الكومبيوتر، وهو تطوير للإنسان الانترنيتي. وقد استندت فى تصور هذا التطور إلى العالم الأمريكى نوربرت وينر الذى التحق بـــ «معهد ماساشوستش للتكنولوجيا» MIT. عقد فيه ندوات على مدى عشر سنوات وكان موضوعها المحورى الاتصالات فى الإنسان والالآت. وفى النهاية اكتشف تماثلاً بين ما تقوم به الآلة من تحكم وضبط وبين ما يقوم به الجهاز العصبى للإنسان، كما اكتشف العلاقة بين الهندسة والبيولوجيا. وفى عام 1948 أصدر كتابا عن علم جديد أحدث ثورة علمية عنوانه «السيبرنطيقا: التحكم والاتصال فى الحيوان والآلة». وهذه الثورة تكمن فى أن أخصب مجالات تقدم العلوم هى مجالات العلوم البينية وفيها تنشط القدرات الإبداعية. إلا أن هذه الثورة لم تكن ميسورة الفهم لأنها مشحونة بمعادلات رياضية الأمر الذى تمتنع معه عملية الفهم. ومن هنا أصدر موجزا شعبيا فى عام 1950 عنوانه الرئيسى «الاستعمال البشرى للكائنات البشرية» وعنوانه الفرعى «السيبرنطيقا والمجتمع». لفت فيه الانتباه إلى أن التحكم والاتصال هما وسيلتنا فى محاربة ميل الطبيعة إلى تفكيك ما هو منظم وتدمير ما له معني، أى فى منع الطبيعة من أن تصاب بالانحراف. 

وفى هذا السياق أردت أن أدفع العلوم البينية إلى الوحدة فعقدت مؤتمراً فلسفياً دولياً تحت عنوان « وحدة المعرفة». وقال السير الفريد اير فى الجلسة الافتتاحية «منذ خمسين عاماً كنا ننافش وحدة العلم فى حلقة فيينا أما البروفيسير وهبه فقد ذهب إلى أبعد من ذلك إذ يريد مناقشة وحدة المعرفة». وكنت أود مواصلة السير فى هذا المسار لولا أن الرئيس السادات أصدر قراراً بفصلى من الجامعة بدعوى أننى أخطر أستاذ على النظام فى الجامعات المصرية. ومع ذلك لم تختف وحدة المعرفة إذ صدر كتاب فى عام 2016 تحت عنوان رئيسى «صعود الآلات» وعنوان فرعى «التاريخ المفقود من علم السيبرنطيقا» لمفكر انجليزى اسمه توماس رِد يتحدث فيه عن وينر وعن رؤيته المستقبلية فى شأن التداخل بين الآلة والانسان استناداً إلى أن المشترك بينهما هو التحكم فى البيئة لأن من شأن هذا التحكم منع حدوث النتوء لأن النتوء يشير إلى بزوغ الفوضى مع منع المعلومات. ومن هنا كانت فكرته المحورية لعلمه الجديد «الضبط» من أجل التحكم فى رؤية المسار القادم لذلك التداخل والذى أطلق عليه وينر مصطلح «الكائن الحى السيبرنطيقى» الذى يعنى خلق آلات حية قادرة على التفكير والتطور، ومن ثم أمكن الحديث عن الآلة بمصطلحات من علم الحياة والحديث عن الكائن الحى بمصطلحات من علم الميكانيكا. إلا أن هذا الكائن الحى السيبرنطيقى فى إمكانه اشعال الحروب ومن ثم يتحول الكومبيوتر إلى محارب وتوصف الحروب فى هذه الحالة بأنها سيبرية أى أجهزة بدون انسان. ومن هنا يكون التطور بالتنبؤ مزعجاً للانسان الكوكبى فى حربه ضد الإرهاب من حيث إن هذه الحرب لن تكون معروفة مكانياً أو زمانياً. 

والسؤال إذن: ما العمل؟ 

لن يتبق سوى تغيير الذهنية الأصولية تغييراً جذرياً بحيث نسهم بعد تغييرها فى تدعيم الثورة السيبرية ومشتقاتها وفى مقدمها «التأثير السيبرى» وهو عنوان لكتاب صدر فى هذا العام لعالمة نفسية اسمها مارى أيكن مهمومة بتغيير السلوك لأن سلوك البشر مع تكنولوجيا جديدة مغايرة تماماً لسلوكهم مع العالم الذى يعيشون فيه يحدث تأثيراً معادلاً للتأثير الناشئ من الطاقة المنبثقة عن انفجار القنبلة الذرية التى اُلقيت على هيروشيما. 

أظن أن هذا المقال لتدريب العقل على التطور. 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mohammed_hmmad
Admin
Admin
mohammed_hmmad


ذكر عدد المساهمات : 15166
نقاط : 25305
تاريخ الميلاد : 22/05/1966
تاريخ التسجيل : 17/04/2009
العمر : 57

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Empty
مُساهمةموضوع: رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (202) ما الحياة ؟    رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Emptyالثلاثاء 14 نوفمبر 2017, 7:13 pm

رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (202) ما الحياة ؟


الثلاثاء 25 من صفر 1439 هــ 14 نوفمبر 2017 السنة 142 العدد 47825


سؤال أثير فى القرن العشرين ويثار الآن فى القرن الحادى والعشرين. ففى عام 1944 طُبع كتاب عنوانه «ما الحياة ؟» للعالم الفيزيائى النمساوى الحاصل على جائزة نوبل ارفنج شرودنجر. وقد صدرت منه ست وعشرون طبعة. 

والسؤال إذن: هل ثمة علاقة بين علم الفزياء وعلم الحياة؟ 

والدافع إلى إثارة هذا السؤال هو التناقض القائم بين قوانين المادة فى علم الفيزياء وقوانين الحياة فى علم الحياة. وقد حاول شرودنجر إزالة هذا التناقض لسببين: السبب الأول مردود إلى اعتقاده أن ثمة «وحدة معرفة» بين العلوم المتباينة، أما السبب الثانى فمردود إلى اعتقاد شرودنجر أن القوانين التى تتحكم فى الكائنات الحية هى قوانين علم الفيزياء . ومع ذلك أثار هذا السؤال: ما الحياة؟ وكان جوابه أنها تتميز عن المادة فى أنها تؤدى حركة وتدخل فى علاقة تبادل مع البيئة الخارجية، وبذلك تحافظ على اتزانها، ومن ثم تفلت من ظاهرة «الانتروبي» أى النتوء، وقد قيل عن هذا الانتروبى إن منعه من البزوغ محكوم بقوى فائقة للطبيعة وليس فى مقدور علم الفيزياء معرفتها. 

وفى عام 1970 صدر فى فرنسا كتاب عنوانه «منطق الحياة» لعالم فرنسى اسمه فرانسوا جاكوب حائز هو أيضا على جائزة نوبل. وأظن أن عنوان كتابه صادم لمُلاك الحقيقة المطلقة الذين لا يرون للحياة منطقاً يحكمها. ولا أدل على صحة هذا الظن من قول جاكوب إنه ليس أخطر علينا من ذلك الذى يعتقد أن لديه هاجساً واحداً وهو أن الحقيقة التى يملكها ترقى إلى مستوى المطلق. ومن هنا ينتهى جاكوب إلى نتيجة مفادها أن التعصب هو سبب كل الجرائم التى ارتكبت فى تاريخ البشرية. وعلى الضد من ذلك مفهوم التطور الذى يتحكم فى حياة الفرد بحكم أنه محكوم بخطة متفاعلة مع العالم الطبيعى وبذلك تصبح الحياة عملية متواصلة لا تقتصر فقط على تذكر الماضى بل أيضا على رؤية المستقبل فى إطار تحكم الجينات بل فى إطار تحكم جهاز محكم اسمه جهاز المناعة الذى إذا ظل متزناً ظلت الحياة بلا انقطاع. أما إذا اختل الاتزان فإن الحياة تختل، ومن ثم يأتى الموت ملبياً لهذا الاختلال. ومن هنا نشأ مشروع الجينوم المحكوم بمجموعة كاملة من الجينات البشرية، وهذه المجموعة ملفوقة فى ثلاثة وعشرين زوجاً من الكروموزومات، وهى فى مجملها عبارة عن سيرة ذاتية للنوع الانساني. وقد صدر كتاب عن هذا المشروع من تأليف المفكر الانجليزى مات بردلى فى نهاية القرن العشرين. 

ومع ذلك كله فإنه ليس فى الامكان الحديث عن الحياة دون الحديث عن نقيضها وهو الموت. وفى هذا السياق صدر كتاب عنوانه «الجنس وجذور الموت» للعالم الانجليزى وليم كلارك. والكتاب دراسة علمية لعلم الموت. وهذا العلم فرع من الطب إلا أنه لا يدرس طبيعة الموت إنما يدرس علم الأمراض. وهذا العلم هو الذى يثير هذا السؤال: ما الموت؟ أو بالأدق كيف تموت الخلية؟ مع ملاحظة أن الخلايا عددها أكثر من مائة تريليون. حاول العلماء الذين نالوا جائزة نوبل فى عام 2011 الاجابة عن ذلك السؤال وذلك بدراستهم لجهاز المناعة وعلاقته بنشوء مرض السرطان. وفى هذا العام نال ثلاثة علماء فى الكيمياء جائزة نوبل بسبب تطويرهم للتصوير الميكروسكوبى الالكترونى البارد للكشف عن تركيب جزئيات كيمائية- بيولوجية فى الخلية، وبالأخص الجينات. ولكن السؤال: ماذا يعنى لفظ «البارد» الملازم لذلك التصوير؟ إنه يعنى تجميد لقطة فى فيلم، واللقطة هنا خاصة بتجميد الخلية فى لحظات متتالية وهى تنتقل من حال طبيعى إلى وضع سرطاني، ومن ثم يمكن معرفة التغيرات التى تحدث فى جينات الخلية والتى تكون السبب فى انتقالها من الطبيعى إلى السرطاني. 

ومع ذلك فثمة سؤال لابد أن يثار: هل فى الإمكان تصوير عملية التغير ذاتها؟ أظن أن الجواب بالسلب لأن العملية ذاتها ليس فى الإمكان تصويرها، إنما الذى فى الإمكان تصويره هو الحال الذى انتهت إليه الخلية، وإذا كان ذلك كذلك فيلزم الاستعانة بأداة أخرى غير أداة التصوير،وهذه الأداة تكمن فى التصور وليس فى التصوير. وإذا كان التصور يأتى فى مقدمة المفاهيم الفلسفية، أو بالأدق فى مقدمة عملية التفلسف فيلزم أن يأتى سؤال على النحو الآتي: ماذا فى إمكان التفلسف أن يقدم من نظرية تدور حول بزوغ الخلية السرطانية؟ جاء جوابى عن هذا السؤال فى البحث الذى ألقيته فى الدورة الرابعة لملتقيات قرطاج الدولى بتونس فى عام 2000 والتى أشرف على تنظيمها عالم الاجتماع المتميز عبد الوهاب بوحديبه ورئيس بيت الحكمة تحت عنوان «ما الحياة؟» وكان عنوان بحثى «حياة بلا موت». وقد جاءت الخاتمة جواباً عن هذا السؤال: كيف تتحول الخلية السليمة إلى خلية سرطانية؟ 

وجاء جوابى مشتقاً من معرفة الخاصية الأساسية للخلية السرطانية التى تكمن فى حصولها على طاقة حيوية تتجاوز الحد السوي، ومن ثم تختل عدالة التوزيع لهذه الطاقة فتكون لدينا خلية ثرية بهذه الطاقة فى مقابل خلية فقيرة من هذه الطاقة، ويترتب على ذلك أن الخلية الأولى تأكل الخلية الثانية بأسلوب وحشى إلى حد إماتتها. ومن ثم يمكن أن يقال عن الخلية السرطانية إنها خلية تتارية تدمر الحياة ذاتها على غرار تدمير التتار للحضارة، وبالتالى فإن السبب الذى يسمح ببزوغ التتار هو الذى يسمح ببزوغ الخلية السرطانية. فإذا كان سبب التتار رفض الحضارة فسبب بزوغ السرطان رفض الحياة. السرطان اذن كامن فى فلسفة الحياة وليس فى فسيولوجيا الحياة بمعنى أنه إذا استقامت فلسفة الحياة مع الحياة استمرت الحياة. 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mohammed_hmmad
Admin
Admin
mohammed_hmmad


ذكر عدد المساهمات : 15166
نقاط : 25305
تاريخ الميلاد : 22/05/1966
تاريخ التسجيل : 17/04/2009
العمر : 57

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Empty
مُساهمةموضوع: رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (203) الله فى مسار الحضارة    رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Emptyالثلاثاء 21 نوفمبر 2017, 7:03 pm

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Morad-wahba

رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (203) الله فى مسار الحضارة
الثلاثاء 2 من ربيع الأول 1439 هــ 21 نوفمبر 2017 السنة 142 العدد 47832


إن الإنسان منذ أن وُجد ابتدع الآلهة والفنون لمهادنة قوى الطبيعة العنيفة من جهة، وللتعبير عن إعجابه بهذا الكون من جهة أخرى. وظل الإنسان على هذه الحال إلى أن لاحت الأديان السماوية وهى اليهودية والمسيحية والإسلام فى مقابل الديانات الأرضية والتى لا تعتقد بما تعتقده الأديان السماوية بوجود إله واحد. ومع ذلك فحتى الأديان السماوية لا تتفق فيما بينها على مفهوم واحد عن الله. ولهذا فإن الذى يعنينا هنا ليس الله فى ذاته، إنما الله كما يبدو للعقل الإنسانى. ومن هنا يكون الصراع بين العلم والدين صراعا وهميا لأن كلا منهما يتمثل مفهوماً معيناً عن الله. مثال ذلك: نظرية التطور عند داروين لا تتصور الله على نحو ما جاء فى سفر التكوين من أنه خلق الإنسان على صورته بل على أنه وُلد من أدنى الأنواع الحيوانية. وأظن أنه فى هذا السياق بدأ علماء اللاهوت يرفضون المفهوم التقليدى عن الله. وبسبب هذا الرفض أصبح لدى جون روبنسون أسقف وولوش بانجلترا الجرأة فى أن يعلن فى كتابه المعنون «لنكن أمناء لله» أن صورتنا عن الله يجب أن تزول. فالله ليس «هناك» كما أنه ليس «فوق»، إنما هو فى أعماق الإنسان. وقد قيل إثر نشر ذلك الكتاب إنه بمنزلة انفجار قنبلة ذرية، إلا أن هذا الانفجار لم يكن من أجل التدمير بل من أجل إفساح المجال لتعدد مفاهيم الله. ومع ذلك فقد قيل عن ذلك الكتاب إنه تأسيس لعلم لاهوت جديد وقيل عنه مرة أخرى إنه تأسيس للاهوت علمانى، وقيل ثالثاً إنه لاهوت بلا اله، وانعكست هذه الأقاويل عن علم اللاهوت على علم الكون الذى أصبحت مهمته إعادة النظر فى مسألة خلق الكون حتى انتهى الأمر إلى بزوغ نظرية «البج بانج» أى «الانفجار العظيم» ومفادها أن ثمة ذرة أولية هى أصل الكون. ثم ارتأى العالم الفيزيائى بيتر هيجز أن هذه الذرة عبارة عن «جسيم ضئيل» أطلق عليه لفظ «الإله الجسيم».
وفى السبعينيات من القرن العشرين بدأت هذه التنويعات من علم اللاهوت تتوارى ويحل محلها لاهوت الأصوليات الدينية بوجه عام ولاهوت الأصولية الإسلامية بوجه خاص، وفكرتها المحورية تدور حول إله يحرض على القتل بعد التكفير. وأُطلق مصطلح «الارهاب» على التكفير مع القتل، ومن ثم أصبح إرهابا دينيا ودخل فى علاقة عضوية مع مفهوم معين عن الله وهو أنه المسئول عن إزهاق الأرواح. وبهذا المفهوم عادت البشرية إلى عصورها الأولى، حيث كانت الأسطورة فوق العقل بعد أن أصبح العقل فى عصورها الحديثة فوق الأسطورة، ومن ثم برز التناقض الحاد بين الطرفين: الأسطورة والعقل. وجاءت أحداث 11/9 تعلن إقصاء العقل والاكتفاء بالأسطورة المتمثلة فى الأصولية الإسلامية والتى بدأت بعدها فى اختراق جميع مؤسسات دول العالم بلا استثناء. وفى هذا السياق أصبحت الأصولية الآن فى الصدارة، وكانت بدايتها إثر انتهاء حرب عام 1967. فقد قال ليفى إشكول رئيس وزراء اسرائيل إثر انتصار بلده «إن الله هو السبب فى هذا الانتصار»، فى حين قال الشيخ الشعراوى إننا انهزمنا لأننا ابتعدنا عن الله. وإذا قارنت بين القولين فإنك مضطر إلى الانتهاء إلى طرح السؤال: الله مع مَنْ؟ وأيا كان الجواب فإنه يعنى أن مفهوم الله لم يعد ثابتا بل أصبح متغيرا لأنه مرهون بالانحياز، وهو الأمر الذى يدفعنا إلى إعادة النظر بين الله فى ذاته والله كما نراه أو كما نفهمه. وفى عبارة أوضح لزم إعادة النظر فى العلاقة بين مفهوم الله ومفهوم الإنسان عن الله. المفهوم الأول ليس فى مقدور الإنسان لأن الله مطلق والإنسان نسبى. وفى هذا السياق أسرد حوارا دار بين الشيخ محمد عبده مفتى الديار المصرية والفيلسوف الانجليزى هربرت سبنسر فى برايتون بانجلترا حيث يقيم. وحين سأله سبنسر عن مفهومه عن الله كان جواب الشيخ محمد عبده أن بعض المتصوفة يعتقد أن الله ليس بشخص. واغتبط سبنسر من الجواب ثم أردف قائلا: من الواضح أنكم لا «أدريون» من نوع االلاأدريةب الشائعة فى أوروبا.
ولكن مع صعود الأصوليات الدينية فى الثلث الأخير من القرن العشرين وما لازمها من إرهاب فى القرن الحادى والعشرين متمثلا فى تكفير الآخر المخالف وقتله إن عاند وظل مخالفا وذلك بالاستعانة بشباب مقتنع بأن يتحولوا إلى قنابل انتحارية موجهة إلى قتل آلاف من البشر، سواء كانوا فى المعابد أو خارجها لكى يركع الكل المخالف من أجل التمهيد لتأسيس الخلافة الإسلامية فى نهاية المطاف على مستوى كوكب الأرض على نحو ما ترى الأصولية الإسلامية المتمثلة فى الإخوان المسلمين كأصل وداعش والنصرة وغيرهما كفروع. وفى القرن الحادى والعشرين ومع شيوع الأصولية الإسلامية التى تدعو إلى قتل البشر المخالف باسم الله يكون صاحب الدعوة متمثلا لإله ينوب عنه فى تحديد موعد موت البشر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mohammed_hmmad
Admin
Admin
mohammed_hmmad


ذكر عدد المساهمات : 15166
نقاط : 25305
تاريخ الميلاد : 22/05/1966
تاريخ التسجيل : 17/04/2009
العمر : 57

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Empty
مُساهمةموضوع: رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (204) شيخان شقيقان متناقضان    رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Emptyالثلاثاء 28 نوفمبر 2017, 7:52 pm

رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (204) شيخان شقيقان متناقضان


الثلاثاء 9 من ربيع الأول 1439 هــ 28 نوفمبر 2017 السنة 142 العدد 47839


إذا كُنت مهموماً بتجديد الخطاب الدينى أو بإحداث ثورة دينية فيلزم أن تكون على وعى برؤية شيخين شقيقين أحدهما هو الشيخ مصطفى عبد الرازق والآخر هو الشيخ على عبد الرازق. والسؤال إذن:مَنْ هما؟ وما رؤية كل منهما؟ الشيخ مصطفى عبد الرازق أول أستاذ جامعى يحاضر فى الفلسفة الاسلامية برؤية مغايرة للرؤية السائدة وهى رؤية المستشرقين فى ربط الفلسفة الاسلامية بالتراث اليوناني، إذ كانت رؤيته اسلامية بحتة لا ترى أى أثر لذلك التراث. وكانت بدايتها فى أثناء إعداده رسالة الدكتوراه بجامعة ليون بفرنسا وكان عنوانها «الإمام الشافعى أكبر مشرعى الاسلام». وكان يعنى بذلك أن ما ورد فى هذه الرسالة يصلح أن يكون معياراً لنقاء الفلسفة الاسلامية، أى لعدم تلوثها بالفلسفة اليونانية الوثنية على نحو ما كان يريد لها الفيلسوف الفرنسى ارنست رينان الذى كان يرد الفلسفة الإسلامية إلى عناصرها اليونانية، ومن ثم تتوارى أصالتها. وفى هذا السياق أصدر الشيخ مصطفى عبد الرازق كتابه المعنون «تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية» وقد جاء فيه أن الفلسفة الإسلامية هى علم الكلام أو علم أصول الفقه بدعوى أنهما مترادفان، إذ إن مباحث أصول الفقه هى فى جملتها علم أصول العقائد الذى هو علم الكلام. بل إنه يذهب إلى أبعد من ذلك فيقول إنه ليس ثمة فلسفة عربية بل فلسفة إسلامية خالصة، ومَنْ يشارك فيها من غير المسلمين فهو فيلسوف إسلامى ولو لم يكن مسلماً.ولم يقف الشيخ مصطفى عبد الرازق وحيداً فى دعوته، إذ أسس مدرسة فلسفية أُطلق عليها«مدرسة الأصالة»، أى مدرسة يمتنع معها التأثر بعناصر أجنبية قد تضيف إليها صفة المعاصرة، وهى صفة يمتنع معها أن تكون المدرسة أصيلة. ومن تلاميذه فى هذه المدرسة محمد عبد الوهاب أبو ريدة ومصطفى حلمى بجامعة فؤاد الأول ( القاهرة الآن)، وعلى سامى النشار بجامعة الاسكندرية، وابراهيم مدكور ومحمود قاسم من مدرسة دار العلوم، والشيخ محمد عبد الله دراز والشيخ عبد الحليم محمود من الأزهر الشريف. وأنا هنا أجتزئ واحداً من هؤلاء هو على سامى النشار لأنه كان مستشاراً لمجلس قيادة الثورة ثم أُبعد عن مصر لسبب غير معروف فعين أستاذاً للفلسفة الاسلامية فى جامعة محمد الخامس بالرباط وفيها أحدث دوياً فلسفياً بسبب تأثيره الحاد على الطلاب الذين تتلمذوا له وامتنعوا عن التلوث بأى فلسفة أوروبية أو أمريكية وذلك بسبب رأيه فى هذه الفلسفة على نحو ما هو وارد فى الأجزاء الثلاثة من كتابه المعنون «نشأة الفكر الفلسفى فى الاسلام». وقد جاء فى مفتتح الجزء الأول من هذه الأجزاء أن الكِندى والفارابى وابن سينا وابن رشد من مقلدة اليونان، والمقلد غير عقلاني، وأن القادمين من الجزيرة العربية هم الذين قدموا لنا فلسفة جديدة لم يعرفها اليونان ولا غير اليونان، وأن الأشعرية هى آخر ما وصل إليه العقل الاسلامى الناطق باسم القرآن والسُنة، وأن الأزهر هو معقل الأشعرية التى أسهمت فى الوقوف ضد أوروبا وعلمائها، وضد الذين التحفوا بالفكر الأوروبى وتفتتوا أذلاء فى فكره المنتن الأفن حتى اختفوا ولم يعد يشعر بوجودهم أحد.
 
هذا عن الشيخ مصطفى عبد الرازق وعن أقوى تلميذ له من حيث التأثير على النخبة المثقفة، ويبقى بعد ذلك تناول آراء الشيخ على عبد الرازق الذى كان يقف على النقيض من شقيقه الشيخ مصطفى عبد الرازق. ففى كتابه المعنون «الاسلام وأصول الحكم» يقول إن الخلاف بين المسلمين فى مصدر سلطان الخليفة قد ظهر بين الأوروبيين فى مذهبين كان لهما تأثير قوى على تطور التاريخ الأوروبي. ويكاد المذهب الأول يكون موافقاً لما اشتهر به الفيلسوف الانجليزى هوبز من أن سلطان الملوك مقدس وحقهم سماوي. وأما المذهب الثانى فهو يشبه أن يكون نفس المذهب الذى اشتهر به الفيلسوف الانجليزى لوك وهو أن سلطان الملوك من سلطان الأمة، فهى مصدر قوته وهى التى تختاره لهذا المقام. والشيخ على عبد الرازق ينحاز إلى المذهب الثاني، ومن هنا هو ينكر الخلافة الاسلامية. ولا أدل على ذلك، فى رأيه، من أن القرآن ليس وحده هو الذى أهمل الخلافة بل السُنة كالقرآن أيضا قد تركتها ولم تتعرض لها. وهذا هو السبب الذى من أجله لم يتعرض النبى صلى الله عليه وسلم لشئ من أمر الحكومة بعده ولا جاء للمسلمين فيها بشرع يرجعون إليه.وإثر صدور الكتاب قررت هيئة كبار العلماء محاكمة الشيخ على عبد الرازق، وأهم ما جاء فى قرار الاتهام قوله إن حكومة أبى بكر والخلفاء الراشدين من بعده كانت لا دينية. وقد صدر الحكم باجماع الآراء باخراجه من زمرة العلماء ومصادرة كتابه. والمفارقة هنا أنه رفض طبع كتابه مرة ثانية قبل وفاته بستة أشهر بالرغم من زوال الأسباب التى أدت إلى محاكمته. وفى هذا السياق مات بلا تلاميذ وذلك على نقيض شقيقه الشيخ مصطفى عبد الرازق الذى أسس مدرسة بلا منافس.والسؤال الزنقة بعد ذلك هو على النحو الآتي: إذا كان ارهاب اليوم هو أعلى مراحل الأصولية الاسلامية، وإذا كانت هذه الأصولية تريد تدمير ما عداها حتى تنفرد بكوكب الأرض وتقيم عليه الخلافة الاسلامية بدعوى أنها شرع الله فهل مدرسة الأصالة يمكن أن يقال عنها إنها من أسباب الارهاب؟ إذا جاء الجواب بالايجاب فالارهاب قائم ومتواصل بلا مقاومة فكرية أو دينية. أما إذا جاء الجواب بالسلب فمعنى ذلك أنها عاجزة عن مواجهة الارهاب.
 

وإذا كان الجواب فى الحالتين معبراً عن الزنقة فكيف يتم الخروج من الزنقة؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mohammed_hmmad
Admin
Admin
mohammed_hmmad


ذكر عدد المساهمات : 15166
نقاط : 25305
تاريخ الميلاد : 22/05/1966
تاريخ التسجيل : 17/04/2009
العمر : 57

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Empty
مُساهمةموضوع: رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (205) حُلمْ العقل    رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Emptyالثلاثاء 05 ديسمبر 2017, 8:04 pm

رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (205) حُلمْ العقل


الثلاثاء 16 من ربيع الأول 1439 هــ 5 ديسمبر 2017 السنة 142 العدد 47846


إذا كان العقل صناعته التفلسف، وإذا كان الحلم تعبيرا عن رغبة مكبوتة لا يكون العقل على وعى بها، فهذه الرغبة المكبوتة يلزم أن تكون رغبة التفلسف، ويلزم من ذلك أن يكون العقل فى أزمة عندما يصبح محروماً من التفلسف.
والسؤال إذن:
ما سبب حرمان العقل من التفلسف؟
الجواب وارد فى كتاب صدر فى عام 2000، أى مع بداية هذا القرن وعنوانه هو عنوان هذا المقال ومؤلفه صحفى أمريكى اسمه انتونى جوتلب. كان المدير التنفيذى لمجلة «الاقتصادى» الأمريكية ومع ذلك فهو يتناول الفلسفة من حيث هى رغبة عارمة لدى العقل فى أن يكون متفلسفاً بلا توقف عند نسق معين يقال عنه إنه نسق فلسفى ومضمونه مغاير لأى نسق آخر، و بالتالى فإنه لا يتناولها من حيث هى علم قائم بذاته بجوار العلوم الأخري.أما القول بأن العقل، فى هذه الحالة، يكون فى وضع الحالم وليس فى وضع المستيقظ فإنه يستلزم قولاً آخر وهو أنه إذا كان من شأن الحلم أن يكون معبراً عن رغبة «مكبوتة» دون وعى على نحو ما يرى فرويد فمعنى ذلك أن عملية التفلسف لدى العقل مكبوتة، وكبتها يعنى أنها مهملة من العقل عن قصد. ولا أدل على ذلك من أن جوتلب يقول فى مفتتح كتابه إنه لم يكن يتوقع وهو مهموم بتأليف هذا الكتاب لعدة سنوات وعنوانه الفرعى «تاريخ الفلسفة من اليونان إلى عصر النهضة» أن ينتهى فى نهاية المطاف إلى عدم العثور على شيء اسمه الفلسفة، ويرى أن هذه النهاية مردودة إلى سببين: السبب الأول أن الفلسفة تبذل جهداً خارقاً للعادة فى ألا تقبل أى فكرة إلا إذا كانت واضحة، ولكن ما العمل ومؤلفات الفلاسفة مشحونة بألفاظ غامضة ومعقدة ؟ والسبب الثانى مردود إلى أن الفلاسفة أنفسهم يبحثون عن أجوبة غير تقليدية وإن جاءت على غير هوى الممارسات العملية للانسان. ومن هنا يمكن القول إن حلم العقل فى أن يكون متفلسفاً هو من قبيل الوهم أو السراب. ومع ذلك كله يمكن القول إنك إذا قرأت الكتاب قد تعثر على سبب ثالث غير السببين اللذين ارتآهما جوتلب.
والسؤال أذن: ما هو هذا السبب الثالث الذى قد يطيح بحلم العقل؟
أستعين فى الجواب عن هذا السؤال بما يتحدث به جوتلب عن بداية التفلسف عند أول فيلسوف يونانى اسمه طاليس من القرن الرابع قبل الميلاد. قيل عنه إنه فيلسوف طبيعي، أى لا يستعين بأى قوى مجاوزة للطبيعة فى البحث عن سبب مولد للكون إذ مولده، عنده، مردود إلى الماء. ومن هنا فإنه يقول عن الأرض إنها تقف فوق الماء وليس فوق الهواء. ولكنه فى هذا القول كان متأثراً بالمناخ الثقافى الذى كان سائدأ فى حينها، والذى كان مناخاً أسطورياً. ومن أساطيره القول إن الماء يلد الحياة بل يلد الآلهة. ومن هنا أيضاً يمكن القول إن الأسطورة متداخلة مع العقل. ولم يكن ثمة معيار محدد للتفرقة بين الأسطورة والعقل. وفى القرن الخامس عشر قال اللاهوتى ايراسموس عن المتفلسفة فى علم اللاهوت إنهم لا يفهمون النصوص الدينية التى كانوا يقومون بتدريسها بسبب انطوائها على أساطير. وهو فى هذا القول قد مهد الطريق لبزوغ عصر الإصلاح الدينى فى القرن السادس عشر بزعامة لوثر. ومع ذلك عادت الأسطورة مع القرن السابع عشر الذى يقال عنه إنه بداية العصور الحديثة التى أخرجت أوروبا من العصور الوسطى المظلمة . فقد استند الفيلسوف الإنجليزى بيكون فى تأسيس فلسفته على علم التنجيم و علم الكيمياء السحرية بالإضافة إلى السحر نفسه. وجاء بعده نيوتن الذى استعان بالكيمياء السحرية التى تعتقد فى أن ثمة أثيراً حياً هو عبارة عن نَفَس الحياة التى تمنع العالم من أن يكون مجرد آلة بلا روح مع أن قانون الجاذبية لديه هو قانون آلى بلا روح. ومن هنا يمكن القول إن الأسطورة متداخلة مع العقل لدى نيوتن.
والسؤال بعد ذلك:
فى سياق هذا التداخل بين الأسطورة والعقل الغلبة لمن تكون فى مستقبل الأيام؟
للجواب عن هذا السؤال يلزم التنويه بشيوع الإرهاب فى هذا الزمان، وإن شئنا الدقة قلنا فكر الإرهاب.
والسؤال إذن: ما سمات فكر الارهاب؟
فكر الارهاب متمثل فى تيارين وهما السلفية فى القرن الثامن عشر والإخوان المسلمون فى القرن العشرين وهما معاً يستندان إلى فكر ابن تيمية الذى يستند إلى ثلاثة مبادئ وهما إبطال إعمال العقل فى النص الدينى لأنه نص حسي، ومن ثم يكون السمع والطاعة أمراً لازماَ. ومن شأن هذا وذاك توليد الاجماع. والغاية من هذه المبادئ الثلاثة تجسيد الخلافة الإسلامية على كوكب الأرض بدعوى أن هذا التجسيد تعبير عن شرع الله. ومَنْ يخالفه يُكفر فى البداية ويُقتل فى النهاية إذا واصل العناد بعد تكفيره. والأسطورة هنا كامنة فى التكفير والقتل إذ هما معاً يعطيان الحق للإنسان فى أن ينوب عن الله إلى حد التماثل. وفى هذا المعنى يمكن القول إن الانسان هو الذى سمح لنفسه بأن يرقى إلى مستوى الله. وهنا تكمن الأسطورة، ويكون المطلوب بعد ذلك تحرير العقل من هذه الأسطورة ومن غيرها من الأساطير المماثلة. وهذه هى مهمة الفلاسفة فى هذا الزمان. وهذه المهمة لن تتحقق إلا إذا مارسوا نقد عقولهم الممزوجة بالأساطير على أن يتبع هذا النقد تأسيس تيار يستند إلى فكر ابن رشد الذى يستند إلى إعمال العقل بحيث يمتنع معه تكفير صاحبه، وبالتالى يمتنع معه قتله ومن ثم يصبح فكر الإرهاب من الحفريات.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mohammed_hmmad
Admin
Admin
mohammed_hmmad


ذكر عدد المساهمات : 15166
نقاط : 25305
تاريخ الميلاد : 22/05/1966
تاريخ التسجيل : 17/04/2009
العمر : 57

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Empty
مُساهمةموضوع: رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (206) ارهابيون وسيكواتيون ومتوحشون    رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Emptyالثلاثاء 19 ديسمبر 2017, 6:50 pm

رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (206) ارهابيون وسيكواتيون ومتوحشون


الثلاثاء 23 من ربيع الأول 1439 هــ 12 ديسمبر 2017 السنة 142 العدد 47853


وإذا حذفت لفظ « ارهابيون» من عنوان هذا المقال يصبح المقال عنواناً لكتاب صدر هذا العام لعالِم انجليزى اسمه كرستوفر بريدى كان مؤسساً ومديراً لمعهد البحوث الجنائية. والعنوان الرئيسى لكتابه «التحدث مع سيكوباتيين ومتوحشين» أما العنوان الفرعى فهو «رحلة فى عقل شرير». وإذا حذفت لفظ «متوحشون» مع لفظ «ارهابيون» يبقى لفظ « سيكوباتيون» موضوعاً لكتاب صدر فى عام 2014 تحت عنوان رئيسى «عقول قاتلة» لعالم أمريكى متخصص فى البيولوجيا العصبية اسمه دين هايكوك أما العنوان الفرعى فهو « استكشاف المخ السيكوباتى الإجرامي». وقبل هذين الكتابين صدر فى مصر فى عام 1946 كتاب عنوانه «مشكلة السلوك السيكوباتي» لطبيب اسمه الدكتور صبرى جرجس كان رئيساً للعيادة العصبية النفسية بوزارة المعارف العمومية.
والسؤال بعد ذلك: ما العلاقة بين السيكوباتى والارهابى والمتوحش؟
السيكوباتى مريض عقلياً ومن ثم لا يجدى معه العلاج النفسى لأن هذا العلاج يشترط أن يكون المريض على وعى بمرضه وهذا شرط غير متوافر لدى السيكوباتى إذ إن سماته الشخصية هى على النحو الآتي: لا يعرف من آنات الزمان الثلاثة سوى الحاضر أما الماضى أو المستقبل فليس موضع وعي. ومن هنا فهو يقتل بدم بارد وبوجه سعيد وبالتالى يكون فى إمكانه تكرار القتل إذا كان ذلك فى الامكان. ومعنى ذلك أن السيكوباتى لا ينضج من التجربة ولا يرتدع من العقاب ولا يعرف الندم ولا يحس العار ولا يختبر الاحساس بالخطيئة بما يجعل شعاره فى معاملته للآخر «أن يأخذ كل ما يستطيع من أى انسان يستطيع وبأى وسيلة يستطيع». هذا عن السيكوباتى فماذا عن المتوحش؟ المتوحش ليس سيكوباتياً لأنه ليس مريضاً عقلياً لأنه يقر بوجوده فى إطار من العلاقات الاجتماعية ولكنه يقف عندها لأنه لا يفهم معناها. ومن هنا يكون من الميسور له أن يسرق ويقتل بلا أدنى أسف. وفى هذا السياق يمكن القول إن المتوحش غير متحضر، ومن ثم فهو يقع بين الانسان والحيوان. يبقى بعد ذلك الارهابى على نحو ما نراه فى هذا الزمان الذى يتميز بهيمنة الأصوليات الدينية التى تتوهم أنها مالكة للحقيقة المطلقة. ومع تعددها تتعدد المطلقات، والمطلقات ترفض التعددية لأن المطلق واحد بحكم تعريفه بل بحكم طبيعته. ومن هنا فإن تعددها يُدخلها فى صراع بدايته التكفير ونهايته القتل. الارهابى اذن قاتل بالضرورة. وهو فى قتله للآخرين من أصحاب المطلق الآخر محكوم بآنات الزمان الثلاثة: الماضى والحاضر والمستقبل. فلديه موروث يستعين به لتبرير التكفير والقتل ولديه حاضر لا يمثل إلا مسرحاً معداً لعملية القتل، أما المستقبل فحضور فى الجنة أوالنار. هو يختار الجنة لنفسه ويختار النار للآخرين. وهو فى هذا التوزيع يقوم مقام الله فكأنه هو الله أو بالأدق هو المطلق، وهذه نتيجة حتمية لتأليه الارهابي. مثال ذلك الحوار الذى دار بين عبد السلام فرج صاحب كتاب « الفريضة الغائبة» والمنظَر لتنظيم الجهاد فى مصر، وبين الرقيب حسين عباس الذى أصاب السادات فى مقتل فى أثناء العرض العسكرى فى 6 أكتوبر 1981. قال عبد السلام فرج لحسين عباس: مبروك يا حسين أنت هتدخل الجنة قال له حسين: ازاي؟ قال فرج: هتقتل السادات
قال حسين: موافق
وعندما ذهب المحامى أحمد مجاهد الذى كان نائب حزب العمل الاشتراكى إلى حسين عباس وهو فى قفص الاتهام ليطلب منه الموافقة على دفاعه عنه رفض لأنه يريد الاعدام بدلاً من المؤبد لكى يذهب سريعاً إلى الجنة.
والسؤال بعد ذلك: ما هو مفهوم الله عند الارهابي؟
فى بداية الجواب يمكن القول إن هذا المفهوم مغاير لمفهوم الله عند غير الارهابي. المفهوم الأول يعنى التطابق التام بين الله والارهابى بمعنى أنه عندما يقول الارهابى إنه ذاهب إلى الجنة فإنه على وعى بأن الله موافق على هذا الذهاب. ومعنى ذلك أنك لن تفهم الله إلا من خلال عقل الارهابي. ومن هنا لن يكون من حق أحد أن يكفر الارهابى لأنه مؤمن باله معين وعليك بعد ذلك تحرير الارهابى من هذا النوع من الايمان. وفى هذا السياق يمكن القول إن تجديد الخطاب الدينى أو إن شئت فقل إن الثورة الدينية المنشودة تكمن فى تناول مفهوم الله. وهنا يجدر التنويه بما قام به الأسقف الانجليكانى جون روبنسون من تغيير فى مفهوم الله فى كتابه المعنون « لنكن أمناء لله» والذى أصدره فى 19 مارس 1963. ومنذ ذلك اليوم حتى نهاية مارس صدرت تسع طبعات. ثم توالت الطبعات فى السنوات التالية حتى وصلت إلى سبع عشرة طبعة فى عام 1976، ثم ترجم إلى إحدى عشرة لغة. وقبل صدور الكتاب بأسبوع أوجز الأسقف روبنسون كتابه فى جريدة ا الأوبزرفرب تحت عنوان «صورتنا عن الله يجب أن تزول». فالله ليس « هناك» ولا هو «فوق» إنما هو موجود فى « العمق» بمعنى أنه أساس الموجودات. وإثر صدوره حدث جدل حاد حوله. وعندما طُلب منه الرد على منتقديه قال: إن أهم سمة تميز هذا العالم الذى نعيش فيه هو أنه عالم علماني. والمغزى أن ثمة علاقة، عنده، بين مفهوم معين عن الله والعلمانية.

وتأسيساً على ذلك كله يمكن القول إن الارهابى ليس سيكوباتياً وليس متوحشاً إنما هو انسان لديه مفهوم عن الله يُلزمه بتكفير الآخر وقتله إذا واصل العناد. ومعنى ذلك أن الارهابى له دين ولكنه مغاير، أما القول بأنه بلا دين فهو قول زائف وزيفه يؤدى إلى وعى زائف يمتنع معه مواجهة الارهابيين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mohammed_hmmad
Admin
Admin
mohammed_hmmad


ذكر عدد المساهمات : 15166
نقاط : 25305
تاريخ الميلاد : 22/05/1966
تاريخ التسجيل : 17/04/2009
العمر : 57

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Empty
مُساهمةموضوع: رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (207) جواب ثانٍ عن سؤال: ما التنوير؟    رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Emptyالثلاثاء 19 ديسمبر 2017, 6:53 pm

رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (207) جواب ثانٍ عن سؤال: ما التنوير؟


الثلاثاء 1 من ربيع الثاني 1439 هــ 19 ديسمبر 2017 السنة 142 العدد 47860



كان صاحب الجواب الأول عن سؤال: ما التنوير؟ هو الفيلسوف الألمانى العظيم كانط. وكان جوابه فى إيجاز: التنوير هو الجرأة فى إعمال العقل، وبالتالى الجرأة فى إقصاء الأوصياء على العقل الذين يقتلعون عقل الإنسان من جذوره ويضعون بدلاً منه عقلاً مزيفاً قابلاً للخضوع لما يبدونه من آراء من غير قدرة على النقد، أى يضعون عقلاً دوجماطيقياً، أى عقلاً يتوهم أنه مالك لدوجما، أى مالك للحقيقة المطلقة. وقد أشار كانط إلى هذا الوهم عندما ميَز بين «البحث» عن المطلق دون قنصه، وبين «قنص» المطلق إثر البحث عنه. والوهم هنا يكمن فى تحقيق عملية القنص. والمطلوب من التنوير بعد ذلك إزالة ذلك الوهم. إلا أن هذه الإزالة لم تتحقق إلا لدى هؤلاء الذين كان لديهم تلك الجرأة، وهم النخبة التى قال عنها كانط إنها تشكل «عصر التنوير» وهو عصر ناقص ولكى يكون عصراً مكتملاً يلزم امتداد التنوير إلى الجماهير فإذا امتد فعندئذ يقال عن عصر التنوير إنه «عصر متنور». واللافت للانتباه أن هذا العصر المتنور لم يتحقق منذ القرن الثامن عشر- وهو العصر الذى كان يحيا فيه كانط- حتى بداية القرن الحادى والعشرين. والسؤال إذن: لماذ لم يتحقق؟ ومن هنا يلزم أن نقول عن جواب هذا السؤال إنه الجواب الثانى، وأظن أنه يلزم استخراجه من بنية الثورة العلمية والتكنولوجية التى لم تكن متحققة فى القرن الثامن عشر، وإنما تحققت مع بداية القرن العشرين. والجدير بالتنويه، ها هنا، أن هذه البنية قد أفرزت ظاهرة يمكن أن يقال عنها إنها «الظاهرة الجماهيرية» التى أفرزت مصطلحات جديدة هى على النحو الآتى: ثقافة جماهيرية ووسائل إعلام جماهيرية ووسائل اتصال جماهيرية ومجتمع جماهيرى وإنسان جماهيرى الذى يقال عنه «رجل الشارع». ومن هنا يمكن القول إن رجل الشارع هو جوهر الثورة العلمية والتكنولوجية بل هو جوهر العصر المتنور. والمغزى أنه دون تنوير رجل الشارع فإن الثورة العلمية والتكنولوجية تكون فى الطريق إلى مواجهة كارثة تهدد مصير الحضارة الإنسانية. وقد فطنتُ إلى هذه الكارثة عندما عقدتُ مؤتمراً فلسفياً دولياً بمبنى جامعة الدول العربية تحت عنوان «الفلسفة ورجل الشارع» فى نوفمبر 1983. وقد انفرد هذا المؤتمر دون غيره من المؤتمرات الدولية التى عقدتها فى القاهرة باهتمام وسائل الإعلام الجماهيرية، إذ كرست صحيفة الأهرام صفحتها الفكرية لأكثر من شهر لنشر ما ورد إليها من تعليقات إلا أنها اختارت منها ما هو أقل تجاوزاً لحدود الأدب على حد تعبير مندوب الأهرام الذى زارنى مرتين فى منزلى ليطلب منى الرد بعد الانتهاء من نشر التعليقات. رحبت بالنشر، ولم أرحب بالرد لأن المؤتمر ليس كتاباً من تأليفى إنما هو عبارة عن جملة بحوث ألقاها كبار الفلاسفة الذين دعوتهم وبالتالى يلزم أن يكون الحوار مع هؤلاء الفلاسفة، وهو حوار لن يتحقق إلا بعد نشر بحوثهم فى كتاب يضم أعمال المؤتمر بأكمله وهذا لم يكن متحققاً إثر انتهاء المؤتمر، ومن ثم يكون من العبث التعليق. ومن هنا فقد جاءت التعليقات فى صحيفة الأهرام محصورة فى تشويه فكر صاحب هذا المقال. وقد بلغت ذروة التشويه عندما نشر المفكر المصرى زكى نجيب محمود تعليقه على المؤتمر فى صفحة بأكملها بتاريخ 23/1/1984 تحت عنوان «وإذا الموءودة سئلت؟». والموءودة هى هيباتيا الإسكندرانية التى نذرت حياتها فى القرن الرابع الميلادى للتوفيق بين العقيدة المسيحية والفلسفة اليونانية الوثنية فذبحتها الجماهير بأمر من السلطة الدينية. وقد اختتم مقاله بما قالته له عندما التقاها فى أحد أحلامه: «إن أصدقاءك الأعزاء قد ذبحوا الفلسفة ذبحاً، أو قل إنهم خنقوها بتراب الشارع». والسؤال بعد ذلك: لماذا أسرع هؤلاء المعقبون إلى تشويه صورة صاحب هذا المقال قبل نشر بحوث المؤتمر؟ سبب ذلك، على نحو ما أرى، مردود إلى ضرورة إقصاء الفلسفة عن رجل الشارع لأنه إذا استنار فلا يمكن التمكن منه بأي أفكار متخلفة، أو بالأدق بفكر الإخوان المسلمين الذى كان سائداً فى ذلك الزمان. والذى لم يمكن من مصلحته عقد مؤتمر يكون عنوانه «الفلسفة ورجل الشارع»، والإرهاب هو محصلة التكفير مع القتل. ومن هنا نقول إن الإرهاب هو أعلى مراحل الأصوليات الدينية. ومن هنا نقول أيضاً إننا إذا أردنا القضاء على الارهاب فإنه يلزم القضاء أولاً على هذه الأصوليات إلا أن ذلك لن يتحقق إلا إذا كنا فى «عصر متنور» يضم النخبة ورجل الشارع على حد سواء، ولكن بشرط أن يكون محكوماً بفلاسفة جماهيريين.

وفى عام 1997 صدر كتاب لفيلسوف بريطانى اسمه بريان ماجى عنوانه الرئيسى «اعترافات فيلسوف» وعنوانه الفرعى «رحلة فى الفلسفة الغربية» جاء فيه أن موجات الأفكار الفلسفية الجديدة مثارة الآن فى المجلات الشهرية إلى الحد الذى أصبحت فيه هذه المجلات جماهيرية. أما إذا تفاعلت القتوات الفضائية على مستوى كوكب الأرض مع جماهيرية الفلسفة فإننا نكون فى الطريق إلى وضع قادم اسمه «العصر المتنور».
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mohammed_hmmad
Admin
Admin
mohammed_hmmad


ذكر عدد المساهمات : 15166
نقاط : 25305
تاريخ الميلاد : 22/05/1966
تاريخ التسجيل : 17/04/2009
العمر : 57

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Empty
مُساهمةموضوع: رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (208) فلسفة جماهيرية    رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Emptyالثلاثاء 16 يناير 2018, 7:45 pm

رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (208) فلسفة جماهيرية


الثلاثاء 8 من ربيع الثاني 1439 هــ 26 ديسمبر 2017 السنة 142 العدد 47867


أصك هذا المصطلح الوارد فى عنوان هذا المقال وأضيفه إلى المصطلحات التى صُكت إثر الثورة العلمية والتكنولوجية فى نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادى والعشرين وهى على النحو الآتي: وسائل إعلام جماهيرية ووسائل اتصال جماهيرية وثقافة جماهيرية ومجتمع جماهيرى وإنسان جماهيرى الذى هو رجل الشارع، وتكون الفلسفة الجماهيرية، فى هذه الحالة، لازمة للانسان الجماهيري. وقد بدت ملامح هذه اللازمة فى الكتاب الذى أصدرته جامعة أكسفورد فى عام 1982 تحت عنوان رئيسى «أصحاب الأفكار» وعنوان فرعى «نفر من المبدعين من الفلاسفة المعاصرين».
والمغامرة هنا تكمن فى هذا السؤال: هل المطلوب من التليفزيون أن يكون جاداً فى بعض ما يعرضه على المشاهدين الذين هم، فى الأغلب الأعم، من سلالة الإنسان الجماهيري؟ وفى صياغة أوضح: هل فى إمكان الانسان الجماهيرى المشاهد للتليفزيون أن يكون هو نفسه راغباً فى أن يكون جاداً وأن تكون هذه الجدية لازمة ومطلوبة؟ وأجيب بسؤال: ما علامة هذه الجدية؟ أغامر فأقول إنها الرغبة فى التفلسف. وقد برزت هذه الرغبة فى زمن سقراط عندما كان يستوقف المارة فى الأسواق ويُدخلهم فى حوار فلسفى يتعلمون منه أن تكون المسلمات والبديهيات موضع تساؤل إذ هى مكبوتة ويخشى الانسان إزاحة الغطاء عنها. ومن هنا انزعجت السلطة السياسية لأنها ارتأت أن هذا الحوار من شأنه أن يوقظ رجل الشارع من سُباته الدوجماطيقى وعندئذ يكون من الصعب أن يكون مطيعاً ومنفذاً فى هدوء للقرارات التى تتخذها هذه السلطة. وبسبب ذلك أُعدم سقراط وإثر إعدامه هرب تلميذه أفلاطون من أثينا لمدة أحد عشر عاماً. وبعد ذلك عاد إليها مع قرار منه بأن يُدخل الفلسفة فى مبنى مغلق أطلق عليه اسم «الأكاديميا» وكتب عند مدخله «لا يدخل هنا إلا كل عالم بالهندسة» لكى يمنع رجل الشارع من الدخول، أما الآن فمع الثورة الالكترونية لم يعد فى الامكان إقصاء رجل الشارع، بل لم يعد فى الامكان تجاهل تغيير ذهنيته حتى يمكنه المساهمة فى تطوير مجتمعه بل فى تنويره. ولا أدل على ذلك من أن السياسة الآن أصبحت هى الأخرى جماهيرية. ولا أدل على ذلك من هبوب ثورات الربيع العربى فى عام 2011. و المفارقة هنا أنه مع هذه الثورات نشأ ما يضادها من ارهاب هو فى المقام الأول ارهاب دينى مدعم بلغة دينية تدفع صاحبها إلى تكفير مَنْ يعاديه ويقتله إذا واصل العداء، الأمر الذى يلزمنا بتحليل هذه اللغة الدينية لبيان ما فيها من زيف من أجل إنقاذ الحضارة الانسانية. وفى هذا السياق تكون الاستعانة بالحوارات التى أجراها بريان ماجِى من وسائل مقاومة الارهاب. والسؤال إذن: كيف يمكن أن تكون كذلك؟ اللافت للانتباه فى هذه الحوارات أنها دارت فى أغلبها مع فلاسفة منشغلين بلغة الفلسفة بل باللغة العادية التى هى لغة رجل الشارع. وقد كان الفيلسوف الانجليزى جون أوستن فى مقدمة الفلاسفة الذين تناولوا تحليل هذه اللغة.
والسؤال اذن: ماذا اكتشف فى هذا التحليل؟ اكتشف فى البداية أن الفلاسفة يثرثرون بعبارات بلا معنى لأنهم لم يفهموا مقتضيات اللغة التى ينطقونها، وبالتالى أفسدوا استخدامها. وترتب على ذلك بزوغ مشكلات زائفة، ومن ثم اكتشف أن التحرر من هذا الزيف لن يكون ممكناً إلا بتحليل اللغة العادية وهى اللغة الطبيعية التى هى عبارة عن كلام منطوق. والرأى عندى أنه إذا تداخلت لغة رجل الشارع مع لغة الفلاسفة أمكن بزوغ سقراط جديد فى القرن الحادى والعشرين مغاير لسقراط القرن الرابع قبل الميلاد الذى كان يعنيه السخرية أولاً من آراء محاوريه ثم دفعهم بعد ذلك إلى توليد الأفكار الكامنة فى عقولهم والتى لم تتلوث بالأساطير. وفى هذا السياق اتهم ذلك الـــ سقراط بأنه ينكر الآلهة ويفسد عقول الشباب. أما سقراط هذا الزمان فمهمته الأساسية شفاء البشر من جرثومة الإرهاب التى هى فى نهاية المطاف رؤية الأصوليات الدينية للكون والتى من شأنها دفع رجل الشارع إلى تكفير مَنْ يعارضه وقتله إذا واصل المعارضة، والسؤال بعد ذلك: ما هى العملية الجراحية التى يقوم بها سقراط هذا الزمان للقضاء على جرثومة الإرهاب الكامنة فى عقل الإرهابي؟ وأجيب بسؤال: ما سمة عقل الارهابي؟وأجيب مرة أخرى بسؤال: ما سمة عقل غير الإرهابي؟ إنه عقل مزدوج: عقل يفكر وعقل ينقد ما يُفكر فيه. ومهمة الأوصياء على الارهابى تكمن فى إجراء عملية جراحية يخلعون فيها العقل المزدوج ويضعون مكانه عقلاً آخر ولكنه يكون على مستوى السمع لكى يمتنع الارهابى عن التفكير ويخضع للسمع والطاعة على النحو الذى أشاعه الفقيه ابن تيمية من القرن الثالث عشر فى مؤلفاته بوجه عام وفى عبارته المأثورة بوجه خاص وهى على النحو الآتي: التأويل بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار. وإذا كان التأويل يعنى إخراج اللفظ من دلالته الحسية إلى دلالته المجازية فمعنى ذلك أن ابن رشد يطالب بإعمال العقل فى النص الدينى أما ابن تيمية فيطالب بإبطال إعماله. ومن هنا يكون ابن رشد هو عدو ابن تيمية، ويكون ابن رشد، فى هذه الحالة، هو سقراط هذا الزمان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mohammed_hmmad
Admin
Admin
mohammed_hmmad


ذكر عدد المساهمات : 15166
نقاط : 25305
تاريخ الميلاد : 22/05/1966
تاريخ التسجيل : 17/04/2009
العمر : 57

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Empty
مُساهمةموضوع: لماذا صالون ابن رشد ؟ الحادى والعشرين» (209)    رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Emptyالثلاثاء 16 يناير 2018, 7:57 pm

لماذا صالون ابن رشد ؟  الحادى والعشرين» (209)


الثلاثاء 15 من ربيع الثاني 1439 هــ 2 يناير 2018 السنة 142 العدد 47874


والسؤال فى حاجة إلى استطراد وهو على النحو الآتى:
لماذا يكون اسم هذا الصالون محصورًا في الفيلسوف الإسلامي ابن رشد دون غيره من أسماء الفلاسفة المسلمين؟...
الجواب عن هذا السؤال يكون بالضرورة فى سياق هذا الزمان الذى يتميز بأنه زمان الإرهاب بحكم أن الإرهاب الآن مهدد لكيان الدول بمؤسساتها بحيث تتحول إلى فوضى خالية من العقل. وهذا ما تنشده الأصوليات الدينية، إذ هى تدعو إلى إبطال إعمال العقل فى النص الدينى. وأظن أن ابن رشد قد أزعجه مفهوم الإجماع وذلك في عبارته المأثورة «لا يُقطع بكفر مَن خرق الإجماع فى التأويل» إلا أن هذه العبارة تنطوى على مفهوم محورى فى فلسفته وهو مفهوم التأويل الذى يعرفه بأنه «إخراج اللفظ من دلالته الحقيقية إلى دلالته المجازية» ومع المجاز تتعدد التأويلات، ومع التعددية يمتنع الإجماع، ومع امتناع الإجماع يمتنع التكفير بل يمتنع القتل الذي هو النتيجة الحتمية للتكفير. ومن هنا يمكن القول إن هذه العبارة التي قالها ابن رشد في القرن الثاني عشر تصلح أن تقال في القرن الحادي والعشرين الذي تفشى فيه التكفير مع القتل، وإذا كان ذلك كذلك، فمعنى ذلك أننا نعيش في القرن الثاني عشر وليس في القرن الحادي والعشرين. والسؤال اذن ماذا حدث لكى تصل الحضارة الانسانية إلى هذا الوضع القائم ؟...
الرأي عندى أن عام 1979 هو السبب في هذا الوضع لأنه العام الذي تحكمت فيه الأصوليات الدينية، ففي يناير قرر الرئيس الأمريكي الأصولى جيمي كارتر تدعيم الأصولية الإسلامية في أفغانستان لمواجهة الغزو السوفيتي. وفي 12 فبراير أعلن آية الله الخمينى تأسيس الجمهورية الإسلامية الأصولية فى ايران. وفي فبراير أصبح الشاذلي بن جديد رئيس الجمهورية الجزائرية فقرر تدعيم الأصولية الإسلامية وعندئذ استدعى الشيخ محمد الغزالي وعينه أستاذًا بجامعة عبد القادر للعلوم الإسلامية، وأمر بأن يكون له حديث ديني متواصل في الإذاعة والتليفزيون. وفي ذلك العام تأسس في أمريكا حزب «الأغلبية المسيحية» الممثل للأصولية المسيحية من أجل تأسيس شبكة دفاع عسكرية، والتوسع فى الدعاية ضد الشيوعية، ومن أجل اطلاق الرصاص اللاهوتى على العلمانية . وفى ذلك العام أيضا اُبرمت المعاهدة المصرية الاسرائيلية فى مناخ أصولى بقيادة مناحم بيجين الأصولى والرئيس السادات المدعم من الجماعات الإسلامية الأصولية. وإذا كان عام 1979 هو عام تحكم الأصوليات الدينية في المجال الديني السياسي فليس معنى ذلك أنها لم تكن متحكمة في العقل الذي هو أساس أي تحكم بسبب أن الإنسان حيوان عاقل. والسؤال اذن؟
ماذا حدث للعقل لكى يكون أساس بزوغ الأصوليات؟
إذا كان التنوير يعني الجرأة في إعمال العقل وإذا كانت الأصوليات الدينية تعني التهور في إبطال إعمال العقل فعمنى ذلك أنه إذا حضرت الأصوليات غاب التنوير.وأدلل على هذا المعنى بحادثين: فى يناير 1975 دار حوار بين اليسار المصري وتوفيق الحكيم. وفى ذلك الحوار قلت إن أوروبا مرت بحركتين من أجل تأسيس التنوير : تحرير العقل والتزام العقل بتغيير الوضع القائم إذا تأزم . أما الدول العربية فلم تمر بهاتين الحركتين . وقد وافق توفيق الحكيم على هذا القول فقال : «لقد ارتددنا إلى الوراء بعد العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين بسبب المرجعية الدينية الخرافية التى تتستر باسم الدين لتلغى دائما ًدور العقل. انظروا كمثال لمهرجان الملابس فى الجامعة . إنهم يقولون هذا زى إسلامى وذاك زى غير إسلامى». والسؤال بعد ذلك : لماذا الفشل ؟ وأجيب بسؤال :
لماذا انعقد ذلك الاجتماع فى باريس ولم ينعقد فى بلد عربى خاصة أنه يدعو إلى حركة تنوير عربية ؟
فى 2 أغسطس 1990 قام الرئيس صدام حسين بغزو الكويت تمهيداً لغزو دول البترول من أجل الاعداد لغزو أوروبا من أجل القضاء على تراثها التنويرى وما ينطوى عليه من ثورة علمية وتكنولوجية. وهذا هو ما تم الاتفاق عليه بينه وبين جماعة الاخوان المسلمين . وبعد ذلك الاتفاق ألغى الرئيس صدام حسين الاحتفالات بثورة 14 يوليو التى كان من المزمع اقامتها فى عام 1990. وكنت فى حينها مدعواً لحضور ذلك الاحتفال. وفى 22/10/2017 هاتفنى وزير الثقافة ورئيس المجلس الأعلى للثقافة والكاتب والصحفى الأستاذ حلمى النمنم و أخبرنى بأنه يريد استثمار حفل تكريمى الذى أقامه فى 15/10/2017 وذلك بتأسيس «صالون ابن رشد» على أن يجتمع مرة فى الشهر فرحبت بالاقتراح وعرضته على مؤسسى منتدى ابن رشد فوافق الجميع بلا تردد على أن تكون الغاية من تأسيسه مزدوجة : إزالة الصراع بين العالم الإسلامى والعالم الغربى مع اجتثاث جذور الإرهاب . إلا أن هذه الغاية المزدوجة لن تتحقق إلا إذا أصبح هذا الصالون دولياً وهو من الممكن أن يكون كذلك فى سياق دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى تكوين تحالف دولى فكري ضد الإرهاب .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mohammed_hmmad
Admin
Admin
mohammed_hmmad


ذكر عدد المساهمات : 15166
نقاط : 25305
تاريخ الميلاد : 22/05/1966
تاريخ التسجيل : 17/04/2009
العمر : 57

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Empty
مُساهمةموضوع: رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (210) قصتى مع ابن رشد    رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Emptyالثلاثاء 16 يناير 2018, 8:01 pm

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Morad-wahba


رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (210) قصتى مع ابن رشد


الثلاثاء 22 من ربيع الثاني 1439 هــ 9 يناير 2018 السنة 142 العدد 47881


بدايتها فى عام 1977 عندما تسلمت دعوة للمشاركة فى مؤتمر دولى تحت عنوان «الفلسفة الاسلامية» من البروفيسور محسن مهدى رئيس «جمعية دراسة الفلسفة والعلم فى الاسلام» بسان فرانسيسكو بأمريكا. وكان عنوان بحثى «ابن رشد والتنوير». وإثر الانتهاء من إلقائه قال محسن مهدى معقباً »إن أهم ما جاء فى بحث الدكتور مراد وهبه هو أنه ألقى الضوء على القرن الثالث عشر الذى انتقلت فيه فلسفة ابن رشد من قرطبة إلى باريس حيث بدأ تشكيل العقل الأوروبى بسبب نشأة تيار الرشدية اللاتينية. وقد تم هذا الانتقال بمرسوم من الملك فردريك الثانى ملك نابولى وصقلية (1197-1250) بترجمة مؤلفات ابن رشد إلى اللغتين اللاتينية والعبرية لتدعيمه فى صراعه ضد السلطة الدينية المدعومة من النظام الاقطاعى من أجل الدفاع عن طبقة التجار الصاعدة.
وفى هذا المؤتمر ألقيت بحثاً عنوانه «مفارقة ابن رشد». والمفارقة هنا تعنى أن ابن رشد ميت فى الشرق حى فى الغرب، إذ اتهم بالكفر وأحرقت مؤلفاته وبعد ذلك أصبح ابن رشد هامشياً فى الحضارة الاسلامية من القرن الثالث عشر إلى القرن الحادى والعشرين. وفى عام 1980، نُشر بحثى فى مجلة ألمانية تصدر عن الجمعية الدولية لفلسفة القانون والفلسفة الاجتماعية.
وإثر انتهاء ذلك المؤتمر قررت عقد مؤتمر ثان فى 19/12/1981 تحت عنوان «مستقبل الحضارة الاسلامية» وكان السؤال المحورى المطلوب الجواب عنه هو على النحو الآتي: كيف يمكن للحضارة الاسلامية أن تؤدى دورها مرة ثانية فى دفع الحضارة الانسانية نحو غايتها المنشودة وهى تحرير الانسان فى سياق أصولية إسلامية صاعدة تنشد إحياء ماض معين يقف ضد إنجاز هذا التحرير؟
والسؤال إذن:
لماذا رفضت جمعية محسن مهدى الاشتراك فى مؤتمر 1979 وقبلت الاشتراك فى مؤتمر عام 1981؟
كانت هذه الجمعية ممولة من الشاه عندما رفضت المشاركة فى المؤتمر الإسلامى الأول. وبعد الإطاحة بالشاه إثر ثورة الخمينى قبلت المشاركة فى المؤتمر الإسلامى الثاني. وفى رأيى أن سبب الرفض مردود إلى ضغوط من الملالى على الشاه، وسبب القبول مردود إلى تحرر الجمعية من هذه الضغوط. ولا أدل على صحة رأيى مما ورد فى بحث لمحمد على حسين ـ أستاذ مساعد بجامعة طهران ـ تحت عنوان «سقوط حزب توده- عرض تحليلى لتاريخ الحزب الشيوعى الايرانى وانهياره أمام الاسلام». قال: «إن الدكتور مراد وهبه من رواد التغرب والمسخ الفكري. ازدادت نشاطاته أخيراً فى ظل «مصر كامب ديفيد» لبث الفكر المادى العلماني. وهو الآن يصول ويجول فى جامعة عين شمس ويقيم المؤتمرات الفكرية».
وفى 4 أغسطس 1990 شاركت فى مؤتمر فلسفى فى بروكسل ببلجيكا وكان صدام حسين قد غزا الكويت فى 2 أغسطس فالتقانى نفر من الفلاسفة المشاركين فى المؤتمر وسألوني: «ما رأيك فيما حدث؟ نريد أن نفهم» وكان رأيى أن هذا الغزو إذا نجح يكون بداية صدام بين العالم الاسلامى والعالم الغربى بقيادة صدام حسين. ولا سبيل إلى منع هذا الصدام إلا بإشاعة فكر ابن رشد تحت اسم «الرشدية العربية» التى يمكن أن تدخل فى حوار مع العالم الغربى فى سياق تأثر هذا العالم بالرشدية اللاتينية، وقد كان إذ اتفق جميع المشاركين بعد ذلك اللقاء على عقد مؤتمر فلسفى دولى بالقاهرة تحت عنوان «ابن رشد والتنوير» وقد كان، إذ انعقد فى عام 1994. إلا أننى فوجئت بنقد حاد من المستشرقين الغربيين الذين دعوتهم للمشاركة بدعوى أن ابن رشد لا علاقة له بالتنوير، وأن ثمة سوء طوية فى القول بهذه العلاقة لأغراض سياسية.
وفى 11/9/2001 مع تدمير مركز التجارة العالمى بنيويورك من قبل نفر من الأصوليين الإسلاميين، وانفجار الصراع بين العالمين الغربى والاسلامى إلى الحد الذى تحول فيه هذا الصراع إلى ارهاب كوكبى لم تفلت منه دولة واحدة.
وهنا يثار السؤال الآتي: ما العمل؟
أظن أن البحث عن الجواب عن هذا السؤال جدير بأن يكون هو الغاية من تأسيس «صالون ابن رشد».
غير أن هذا الصالون ما كان يمكن تأسيسه إلا فى زمن الرئيس عبد الفتاح السيسي، بل ما كان يمكن تأسيسه إلا بتعيين وزير الثقافة الأستاذ حلمى النمنم.
هذه هى قصتى مع ابن رشد بدايتها أصبحت معروفة، ولكن مسارها متوقف على مؤسسى صالون ابن رشد الذين احتفلوا بتأسيسه فى 24/12/2017 وكان عددهم يربو على المائتين من كبار المفكرين والفنانين والشباب والشابات.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mohammed_hmmad
Admin
Admin
mohammed_hmmad


ذكر عدد المساهمات : 15166
نقاط : 25305
تاريخ الميلاد : 22/05/1966
تاريخ التسجيل : 17/04/2009
العمر : 57

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Empty
مُساهمةموضوع: رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (211) امتحان بلا غش وبلا رسوب    رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Emptyالثلاثاء 16 يناير 2018, 8:06 pm

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Morad-wahba


رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (211) امتحان بلا غش وبلا رسوب


الثلاثاء 29 من ربيع الثاني 1439 هــ 16 يناير 2018 السنة 142 العدد 47888




قد يقال عن عنوان هذا المقال إنه ضرب من الخيال، أو ضرب من الأحلام. ومع ذلك فإن هذا القول أو ذاك لم يكن مما يدور فى ذهنى وأنا أصيغ عنوان هذا المقال، إذ هو من نتاج تجربة أجريتها على طلاب الفرقة الثانية بشعبة الفلسفة بتربية عين شمس فى سياق مقرر فلسفى اسمه «فلسفة العصور الوسطى الغربية». واخترت لهذا المقرر فترة زمانية محددة هى القرن الثالث عشر الذى ترجمت مع بدايته مؤلفات الفيلسوف الإسلامى العظيم ابن رشد لكى تكون فلسفته سنداً لفردريك الثانى فى نضاله ضد النظام الإقطاعى المدعوم بسلطة دينية فى مواجهة نظام مغاير وقادم وهو النظام البورجوازى المحكوم فى بدايته بطبقة التجار والصناع. والمغزى هنا أن ثمة «وضعاً قائماً مأزوماً» لا يريد أن يتوارى لكى يحل محله وضع بديل يقال عنه إنه «وضع قادم» يريد أن يُستدعى لكى يُحدث التقدم المنشود. وحيث إن الثقافة واردة فى أى وضع كان أصبح من حقى الكشف عن ثقافة كل من الوضعين، وقد كان، إذ أطلقت على ثقافة الوضع القائم « ثقافة الذاكرة» وعلى ثقافة الوضع القادم « ثقافة الإبداع».
والسؤال إذن:
ما الفارق بين الثقافتين؟
ثقافة الذاكرة هى ثقافة السلف أو ثقافة التراث التى ترفض كل ما هو جديد. فإذا استند نسق التعليم إلى هذه الثقافة فقد استند إلى التذكر المستند إلى التلقين ثم الحفظ. وبفضل هذه الثلاثية يمتنع الإبداع فيتدهور التعليم ونقول عنه عندئذ إنه تعليم فاسد.
أما ثقافة الإبداع فتتجاوز التراث إلى ما هو ليس كذلك، وما هو ليس كذلك مكانه فى المستقبل وفى انتظار مَنْ يستدعيه. السؤال:ما الإبداع؟
والجواب عندى أن الإبداع هو قدرة العقل على تكوين علاقات جديدة من أجل تغيير وضع قائم مأزوم. وميزة هذا التعريف للإبداع أنه ينطوى على عنصرين الجدة والتغيير. والمغزى أن الجدة مشروطة بالتغيير لأنه من غير التغيير تكون الجدة نوعاً من الترف أو الهذيان كما فى حالة الهوس.وتأسيساً على ذلك كله قمت بإجراء التجربة المذكورة فى بداية هذا المقال وتفصيلها على النحو الآتي:
قلت للطالبات وللطلبة أننى سأناقش معكم قضية محورية فى سياق فلسفة العصور الوسطى وهى قضية الرشدية اللاتينية التى يمكن أن تجدوها فى كتابى المعنون «مفارقة ابن رشد» والتى تعنى أن ابن رشد ميت فى الشرق حى فى الغرب، وفى كتب أخرى. لا ترهقوا أنفسكم بشرائها صوروها. وبالفعل ذهبوا إلى مكتبة الطالب بالكلية وصوروا ما طاب لهم. ثم قلت لهم: لا ترهقوا أنفسكم بحفظ ما يطيب لكم حفظه مما ورد فى تلك الكتب فأنتم ستدخلون الامتحان ومعكم كل ما صورتموه. بل وكل ما لديكم من أجهزة إلكترونية تكون صالحة لاستثمارها فى أثناء الامتحان. ومعنى ذلك أنكم ستؤدون الامتحان ومعكم «مكتبة متحركة» تتجاوز التجربة التى يقال عنها «تجربة الكتاب المفتوح» لأنها مغايرة لتجربتى مغايرة تامة بحكم أن تجربتى خالية من مفاجأة السؤال وهو سؤال واحد وليس عدة أسئلة على نحو ما هو وارد فى تجربة الكتاب المفتوح. ثم هو سؤال من وضع الطلاب أنفسهم مع سؤالين آخرين، وأختار أنا سؤالاً واحداً من بين هذه الأسئلة وأصيغه على نحو مغاير، أى على نحو ما أرى بحيث يسمح للطالب بالكشف عن علاقات جديدة بين أفكار متباينة فى سياق وضع كان قائماً فى حالة أزمة ثم تغير. ويأتى كل ذلك فى سياق منطقى يلزم منه أن تكون الألفاظ المستخدمة واضحة المعنى وخالية من سمات الخطاب الانشائى الذى لا يعنى شيئا فى نهاية المطاف. ومن شأن هذا الشرط أن يكون تطبيقاً لعبارتى القائلة بأن « ضبط اللغة مرهون بضبط الفكر» لأن عكس ذلك ليس بالصحيح على نحو ما يرتئيه القائلون بهذا العكس. وبعد ذلك كله دارت المحاورات بأسلوب الحوار السقراطى الذى يدفع إلى تغيير الذهنية من ذهنية تقليدية ملتزمة بالماضى إلى ذهنية مبدعة ملتزمة بالمستقبل. وقد اشترك معى فى هذا الحوار ثلاثة من أعضاء هيئة التدريس: الأستاذة الدكتورة فريال خليفة والدكتورة هالة صبحى وكرستين عماد ( مدرس مساعد).
وحيث إن مسألة الامتحان تخص المسئولين عن إدارة الكلية كان من اللازم استشارتهم قبل المضى فى ممارسة التجربة. وجاءتنى الموافقة من أجل بداية تأسيس نسق تعليمى مغاير، وفى 3/1/2018 انعقد الامتحان وكانت النتيجة إيجابية والدرجات مرتفعة، ولم نجد ورقة واحدة مماثلة للأخرى. وهنا يكمن الإبداع أساس التجربة.
ويبقى بعد ذلك سؤال: هل هذه التجربة بعد تعميمها فى المؤسسات التعليمية قادرة على اجتثاث جذور الإرهاب؟.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mohammed_hmmad
Admin
Admin
mohammed_hmmad


ذكر عدد المساهمات : 15166
نقاط : 25305
تاريخ الميلاد : 22/05/1966
تاريخ التسجيل : 17/04/2009
العمر : 57

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Empty
مُساهمةموضوع: رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (212) مطلوب مثقف جماهيرى    رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Emptyالثلاثاء 23 يناير 2018, 7:52 pm

رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (212) مطلوب مثقف جماهيرى


الثلاثاء 6 من جمادي الأولى 1439 هــ 23 يناير 2018 السنة 142 العدد 47895


قيل عن المثقف إنه من النخبة، وقيل ثانياً إنه فى مقابل رجل الشارع، وقيل ثالثاً إنه المثقف الجماهيرى وكان المقصود به الفيلسوف الفرنسى جان بول سارتر المؤسس للفلسفة الوجودية فى النصف الثانى من القرن العشرين. وفى هذا السياق صدر كتاب لعالم الاجتماع باتريك بايرث بجامعة كمبريدج بانجلترا تحت عنوان رئيسى «اللحظة الوجودية» وعنوان فرعى «صعود سارتر مثقفاً جماهيرياً» (2015). والقصد من العنوان الرئيسى أن اللحظة الوجودية تعنى فترة زمانية قصيرة وهى الفترة التى فيها انتبه الجمهور إلى سارتر وإلى فلسفته من عام 1944 إلى عام 1947. والسؤال إذن: لماذا هذه الفترة؟
كان سارتر قد أصدر كتابه العمدة والمعنون «الوجود والعدم» فى عام 1943. ولكن بسبب لغته المعقدة لم يكن سارتر موضع انتباه، إذ إن الانتباه لم يتحقق إلا ابتداء من عام 1944 مع حدوث صدمة ثقافية سببها استيلاء ألمانيا على كل فرنسا، وهجرة المثقفين وفى مقدمها كبار الفلاسفة، وإعلان رئيس وزراء فرنسا بيتان التزامه الكامل بألمانيا النازية واتخاذ فيشى مدينة لإدارة الحكم، ومن هنا قيل «حكومة فيشى». ومن هنا أيضا أصبحت الفلسفة الوجودية فى الصدارة فى المجال العام وأصبح سارتر مثقفاً جماهيرياً وذلك بسبب رواياته ومسرحياته التى كانت معبرة ومروجة لهذه الفلسفة. وفى أول أكتوبر من عام 1945 أصدر مجلة «العصور الحديثة» لمناقشة قضايا العصر والالتزام بالانخراط فى النشاط السياسى من أجل التغيير. وفى 29 أكتوبر من ذلك العام ألقى محاضرة فى باريس تحت عنوان «الوجودية والانسانية» التى أعلن فيها لأول مرة عن مصطلح «الوجودية» وقصد به أن الانسان محكوم عليه أن يكون حراً، ولهذا فهو بلا هوية فى البداية، ومعنى ذلك أنها تتشكل مع التطور، والتطور هنا يعنى قدرة الانسان على مجاوزة ذاته، وهو فى هذه المجاوزة يُشَرع لنفسه ما يريده وهو يمارس حريته، وهو فى هذا التشريع يشرع للآخرين لأن الآخر هو شرط وجوده سواء كان هذا الآخر معه أو ضده. وأى مثقف يروج لأى حتمية فهو فى رأى سارتر «مثقف جبان». ومن هنا فإن الانسانية المرتبطة بالوجودية هى انسانية مفتوحة وليست مغلقة، وبالتالى يمتنع تحويلها إلى معتقد، لأن من شأن المعتقد أن يكبل الانسان ومن ثم يقضى على الحرية التى هى البداية والنهاية. ومن هنا فإن سارتر يقول إن الحرية هى أساس القيم، وهى فى هذا المعنى يمكنها تطوير هذه القيم. وإثر هذه المحاضرة أصبح سارتر مثقفاً جماهيرياً فى القرن العشرين. ومع ذلك فثمة سؤال لابد أن يثار: لماذا صدرت ست طبعات من كتاب «الوجودية والانسانية» ابتداء من عام 2007 إلى عام 2013؟ وأجيب بسؤال: هل صدرت لإحياء سارتر مثقفاً جماهيرياً؟ أظن أن الجواب بالنفى لأن سارتر نفسه قبل أن يغادر هذه الدنيا بعشرين عاماً قد أصدر كتابه المعنون «نقد العقل الديالكتيكى» فى عام 1960 والمشهور بأنه عقد زواج بين الوجودية والماركسية لأنه خشى على الوجودية من أن تتوارى لأنها لم تعد معبرة عن الطبقة العمالية الصاعدة التى تدافع عنها الماركسبة. وأظن أن الجواب بالنفى أيضاً لأنه أصبح موضع هجوم حادا من الشيوعيين. هذا السؤال إذن فى هذا السياق هو بلا جواب. فما الجواب إذن: أظن أن الجواب يكمن فى التلويح بمثقف جماهيرى جديد يتفق مع ما يحدث فى هذا القرن والذى هو مغاير للقرن العشرين. والمغايرة هنا تكمن فى طبيعة الحرب. فالحرب العالمية الثانية كانت حرباً بين جيوش ودول أما الحرب القائمة الآن فهى حرب ميليشيات مسلحة أصولية تستهدف أفراداً عُزل. أى بلا سلاح. ومن هنا يكون الحديث عن الحرية على نحو ما يراها سارتر هو حديث بلا معنى لأنه لا معنى للحرية وحق الانسان فى الحياة مهدد من قِبل هذه الميليشيات. والمغزى أن حق الحياة فى الصدارة وليس حق الحرية، ومن هنا يكون القتل أمراً مطلوباً ولازماً، ويكون صعود المثقف الجماهيرى أمراً مضاداً مطلوباً ولازماً.
والسؤال بعد ذلك يكون على النحو الآتى: ما هى سمات هذا المثقف الجماهيرى؟
بالسلب يمكن القول إنه لن يكون من أولئك الذين يتحدثون عن العوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية على أنها هى سبب الارهاب لأن هذا الحديث ينطوى على تبرير لضرورة الارهاب طالما أن هذه العوامل قائمة فى حين أنها عوامل لا علاقة لها بالارهاب الدينى ولا بالمعتقد الدينى، لأن هذه العوامل هى من صنع عقل الانسان بحكم أن الانسان حيوان عاقل قبل أن يكون حيواناً اجتماعياً. ومن هنا فإن المثقف الذى يتحدث على هذا المنوال هو مثقف خائن. هذا بالسلب أما إذا أردنا أن يكون الجواب بالإيجاب فالمثقف الجماهيرى هو الذى ينشئ تياراً مضاداً للأصوليات الدينية، وهو بالتالى المثقف المطلوب فى القرن الحادى والعشرين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mohammed_hmmad
Admin
Admin
mohammed_hmmad


ذكر عدد المساهمات : 15166
نقاط : 25305
تاريخ الميلاد : 22/05/1966
تاريخ التسجيل : 17/04/2009
العمر : 57

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Empty
مُساهمةموضوع: رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (213) «زنقة» كوكب الأرض    رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Emptyالثلاثاء 30 يناير 2018, 6:24 pm

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Morad-wahba


رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (213) «زنقة» كوكب الأرض


الثلاثاء 13 من جمادي الأولى 1439 هــ 30 يناير 2018 السنة 142 العدد 47902


إذا كانت الزنقة لغة تعنى المسلك الضيق فى القرية فذكر كوكب الأرض عند ذكر الزنقة يعنى أن كوكب الأرض قرية. وإذا كانت القرية لغة تعنى كل مكان التصقت فيه الأبنية فمعنى ذلك أن القرية خالية من المسافات المكانية، وسكانها معزولون عما يدور خارجها. وإذا كان ما يدور ينطوى على حركة، وإذا كانت الحركة تنطوى على الزمان فمعنى ذلك أن القرية خالية كذلك من الزمان. وإذا ألَفنا بين المعنيين قلنا إن القرية تنطوى على موت المسافة مكانياً وزمانياً. والمفارقة هنا أننا نقول عن ظاهرة الكوكبية إنها تنطوى أيضاً على هذا الموت الذى تعانيه القرية. ومن هنا مشروعية القول إن كوكب الأرض مماثل للقرية على الرغم من غياب البٌعد الحضارى عن القرية. ومن هنا أيضا مشروعية القول إن كوكب الأرض فى زنقة.
والسؤال بعد ذلك: هل فى إمكان كوكب الأرض الخروج من هذه الزنقة؟
قيل فى الجواب عن هذا السؤال إن الترحال إلى الفضاء بسفن فضائية قادر على الخروج من الزنقة. وهنا المفارقة التى تنطوى على تناقض رخو وليس على تناقض حاد، أى على تناقض يمتنع معه إقصاء أحد الطرفين.
والسؤال بعد ذلك: ما هما هذان الطرفان فى حالة زنقة الكوكب؟
هما الدول المقيمة على كوكب الأرض وكوكب الأرض ذاته. والابداع هنا مطلوب لإحداث توليفة بين هذين الطرفين.
والسؤال اذن: ما المانع من إحداث هذه التوليفة؟ إنه غياب الابداع. وما سبب هذا الغياب؟
إنه الارهاب الذى أفرزته ثورات الربيع العربى عندما تركت الباب مفتوحاً، عن غير وعى، للاخوان المسلمين. والسؤال بعد ذلك: كيف حدث ذلك؟
مع بداية هذه الثورات فى 2011 كان الشعار السائد « الشعب يريد اسقاط النظام» لأنه كان عاجزاً عن توفير الخبز والكرامة والحرية، ودعت إلى تسييس الجيل الجديد بعد أن فشلت الأحزاب العربية عن إشعال هذه الثورات. إلا أن اللافت للانتباه أن حزب الاخوان المسلمين استولى على السلطة فى عام 2012، وأعلن أن الاسلام دين ودولة، وأن حزب البعث، سواء فى سوريا أو فى العراق، هو عميل للغرب المادى، وبعد ذلك اتجهت النخبة، من أمثال طارق البشرى ومَنْ سار على دربه، إلى تأييد الحكم الاسلامى فى مصر.إلا أن استيلاء الاخوان المسلمين على السلطة لم يكن بالأمر الميسور، إذ مارست تكتيكاً سياسياً يستند إلى الخبث والدهاء، ومع ذلك فثمة سؤال لابد أن يثار: ما الفارق بين الفاشية فى القرن العشرين على يد موسولينى والفاشية فى القرن الحادى والعشرين على يد الاخوان المسلمين؟
فى الحالة الأولى كانت الفاشية ضد الدول غير الفاشية، ومن ثم كانت الحرب محصورة بين الجيوش. أما فى الحالة الثانية فقد كانت الفاشية وما لازمها من ارهاب موجهة من قِبل ميليشيات مسلحة اسلامية أصولية. فى الحالة الأولى الضحية هى الجيوش المتحاربة وفى الحالة الثانية الضحية أفراد أبرياء أو تجمعات بريئة حُكم عليها بأن تُقتل من قبل تلك الميليشيات وباسم الله. ومن هنا نشأت مفارقة جديرة بأن تكون موضع حوار، وهى أن ثمة تياراً اسلامياً أصولياً منح نفسه حق القتل استناداً إلى تفويض من إله هو فى حاجة إلى تحليل فقهى أو لاهوتى من أجل معرفة هويته. وهنا يلزم التفرقة مسبقاً بين الله فى ذاته والله فى عقل الانسان. فالله فى عقل الانسان محكوم فى ادراكه بطبيعة هذا العقل وليس بمعزل عنه. وحيث إن هذا العقل نسبى فى تفكيره، بمعنى أنه عاجز عن ادراك الله كما هو فى ذاته، أى من حيث هو مطلق، فلا يحق لأحد الادعاء بأنه الوحيد القادر على قنص ذلك المطلق الذى هو الله. ولا أدل على ذلك من تعدد الرؤى لذلك الاله استناداً إلى تعدد الأديان. والقول بعكس ذلك ليس بالصحيح لأن من شأنه إلغاء هذه التعددية والاكتفاء باله واحد يكون خارج مجال العقل ويكون معادلاً موضوعياً لله فى ذاته. وهذا لن يتحقق إلا بإبطال إعمال العقل والاكتفاء بشعار واحد يرفعه الأصولى الارهابى فى وجه الآخرين وهو على النحو الآتى: هذا شرع الله والمطلوب تطبيقه والمعترض فإن مصيره القتل. والجدير بالتنويه هنا أن هذا القتل اتخذ طابعاً كوكبياً، ومن ثم أصبح الكل فى زنقة. وإذا كان هذا الكل هو المقيم على كوكب الأرض فيصبح هذا الكوكب ذاته فى زنقة.
والسؤال بعد ذلك: هل من الممكن إخراج الكوكب من زنقته؟
هذا ممكن إذا أصبح البشر على وعى بأن العقل عاجز عن قنص المطلق، وليس ممكناً إذا أصرت فئة من البشر على أن عقلها قادر على ذلك القنص. وفى هذه الحالة ليس أمام الفئات الأخرى سوى أحد أمرين: إما عزل تلك الفئة فى مكان ما حتى تنقرض وإما الترحال إلى كوكب آخر. وأظن أن الأمرين من صنع وضع قادم فهل فى الامكان استدعاؤه؟.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mohammed_hmmad
Admin
Admin
mohammed_hmmad


ذكر عدد المساهمات : 15166
نقاط : 25305
تاريخ الميلاد : 22/05/1966
تاريخ التسجيل : 17/04/2009
العمر : 57

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Empty
مُساهمةموضوع: الحادى والعشرين» (214) «الوجود» و«النظام والجمال»    رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Emptyالأربعاء 07 فبراير 2018, 3:12 am

الحادى والعشرين» (214)  «الوجود» و«النظام والجمال»


الثلاثاء 20 من جمادي الأولى 1439 هــ 6 فبراير 2018 السنة 142 العدد 47909


يشير العنوان إلى معنى كلمتى «أنطولوجيا» و«كسمولوجيا» .. وأتوقف لأتساءل عن جذر هاتين الكلمتين، فكلمة «أنطولوجيا» معرَبة وليست مترجمة بمعنى أنها صُبغت بصبغة عربية عند نقلها بلفظها الأجنبى الذى هو هنا لفظ يونانى ويعنى علم الوجود، والمقصود بالوجود هنا هو الوجود العام الذى هو قاسم مشترك بين جميع الموجودات، بمعنى أنه يشير إلى موجودات دون أن يكون هو أحد هذه الموجودات. وفى هذا المعنى قال أرسطو عن هذا الوجود العام إنه موضوع الفلسفة الأولي، أو بالأدق موضوع علم الوجود بوجه عام. وهو بهذا المعنى يقال عنه إنه أعلى مراحل التجريد الذى يتجاوز به الفيلسوف جميع أنواع الموجودات الحسية بحيث يمكن القول عن هذا المعنى المجرد إنه غير محدد بأى نوع من التحديدات. وعند هذه المرحلة أظن أن من حق القارئ أن يتساءل: إذا كان لفظ الوجود العام غير محدد بأى شيء موجود فما سبب لزومه وجعله موضوعاً للفلسفة؟
وجوابى أن هذا الوجود العام لا يتغير، أى ثابت لأن المحسوس فقط هو المتغير، أى غير ثابت. وإذا قيل عن الله إنه هو هذا الوجود العام غير المتغير فيكون موضوع الأنطولوجيا هو الله. وإذا كان ذلك كذلك فيكون من اللازم انشغال الفلاسفة بتناول مفهوم الله لمعرفة ما إذا كان هذا المفهوم محصوراً فى العقل أم أنه خارج العقل. فإذا كان فى العقل وحسب فبها, أما إذا كان خارج العقل فهنا تثار هذه الإشكالية: كيف يكون الله موجوداً فى الخارج وبمعزل عن الموجودات الحسية باعتبار أنه الوجود العام؟ ومن هنا اندفع فلاسفة نحو البرهنة على وجود الله فى الخارج كما اندفع فلاسفة آخرون نحو البرهنة على عدم وجوده. والمفارقة هنا أن البراهين على الضفتين جاءت متكافئة فى القوة. وعندئذ قال الفيلسوف الفرنسى بسكال من القرن السابع عشر: إذا كان الحال هو كذلك فليس أمامنا سوى حجة واحدة أطلق عليها «حجة الرهان» وتعنى أنك إذا آمنت بأن الله موجود وصدق إيمانك فإنك ستكسب الحياة الأبدية، أما إذا لم يكن موجوداً فإنك لن تخسر شيئاً. إلا أن هذه الحجة لم تلق استحسانا لأنها تضع الله موضع رهان. وعندئذ قال الفيلسوف الألمانى كانط من القرن الثامن عشر: إذا كانت البراهين متكافئة فمعنى ذلك أن العقل نفسه غير قادر على تناول مفهوم الله بحكم أن هذا المفهوم مطلق والعقل نسبي، ومن ثم فليس فى إمكان ما هو نسبى أن يدرك ما هو مطلق. ويترتب هذا القول إلغاء الأنطولوجيا برمتها، وقد كان، عندما ظهرت نظرية النسبية لأينشتين التى تجاهلت الأنطولوجيا واتجهت إلى الكسمولوجيا.
والسؤال اذن: ما جذر هذه الكلمة؟
هذه الكلمة معربة وليست مترجمة وجذرها فى اللغة اليونانية وهو كسموس بمعنى النظام والجمال. أما عند أينشتين فالكسمولوجيا تتناول الكون باعتباره محكوماً بمفهوم معين للزمان والمكان باعتبار أن الزمان هو البُعد الرابع للمكان بعد أن كان للمكان أبعاد ثلاثة فقط عند نيوتن. وإدخال الزمان كبعد رابع أفضى إلى أن كلا من المكان والزمان نسبى ولم يعد كل منهما مطلقا على نحو ما ارتأى نيوتن. ومن بعد ذلك انشغل علماء الفيزياء النووية فى القرن العشرين بدراسة الكون دراسة علمية أدت إلى ابتداع سفن فضائية تتجول فى الفضاء كما ترسو على سطح القمر وغيره من الأفلاك. وكل ذلك من أجل تكوين علاقة عضوية بين الانسان والكون بحيث تكون خالية من الأوهام والأساطير التى كان يتوهمها. وأصبح الفارق بين الفيزياء التقليدية والفيزياء النووية فارقاً كيفياً. الأولى تتناول الكون على أنه منفصل عن الإنسان، وبالتالى فإن الانسان فيها يحس بالاغتراب فى علاقته بالكون. أما الثانية فتتناول الانسان على أنه ليس مستقلاً عن الكون وذلك بفضل غزو الفضاء. والفضاء هنا هو المنطقة الواقعة خارج جو الأرض، أو هو الفضاء الكوني. وغزو الفضاء يتم على مراحل: بدايتها غزو الفضاء الذى هو خارج جو الأرض. وهذا هو ما تقوم به التكنولوجيا المعاصرة، وما يستلزمه من بقاء الانسان عدة أسابيع فى أحد الأفلاك. أما غزو الفضاء الكونى فيستلزم تعود الانسان على الحياة فى الفضاء. وهذا من شأنه أن يحدث تغييراً جذرياً فى الانسان ينبئ ببزوغ نوع جديد من الانسان يمكن تسميته الانسان الكوني. وهو بزوغ ممكن بحكم قانونين: قانون النشوء والتطور الذى كان قد ابتدعه العالم الانجليزى دارون، وقانون الانتقال من الكم إلى الكيف الذى كان قد ابتدعه الفيلسوف الألمانى هيجل. وفى هذا السياق يمكن القول إن فى مقدور هذا الانسان الكونى تمثل الكون ذى الأبعاد الأربعة الزمكانى الذى تنبأ به أينشتين. ومن شأن هذا التمثل أن يسمح للإنسان برؤية الأحداث قبل أن تقع فيزول اغتراب الانسان عن الكون. وتأسيساً على ذلك كله يمكن القول إن مستقبل الفلسفة يكمن فى أن تكون كسمولوجيا وبلا رجعة إلى الأنطولوجيا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mohammed_hmmad
Admin
Admin
mohammed_hmmad


ذكر عدد المساهمات : 15166
نقاط : 25305
تاريخ الميلاد : 22/05/1966
تاريخ التسجيل : 17/04/2009
العمر : 57

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Empty
مُساهمةموضوع: الحادى والعشرين» (215) ابن تيمية وإير وكواين    رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Emptyالأربعاء 14 فبراير 2018, 2:36 am

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Morad-wahba

الحادى والعشرين» (215) ابن تيمية وإير وكواين


الثلاثاء 27 من جمادي الأولى 1439 هــ 13 فبراير 2018 السنة 142 العدد 47916
 
والسؤال إذن: ما العلاقة بين الفقيه الإسلامى ابن تيمية من القرن الثالث عشر والفريد جول إير كبير فلاسفة بريطانيا وويلزفان كواين كبير فلاسفة أمريكا(1908ــ2000) وهما من القرن العشرين؟ أبدأ بابن تيمية وأوجز فكره فى مسألة محورية هى التأويل على نحو ما هو وارد فى كتابه ادرء التعارض بين العقل والنقلب حيث يقرر أن الشرع يقوم على السمع، أى على ما سمعناه من الرسول صلى الله عليه وسلم. ولهذا فإن ما هو ثابت بالسمع فهو ثابت سواء علمنا بالعقل أم بغير العقل ثبوته، أو لم نعلم بثبوته لا بعقل ولا بغيره. ومعنى ذلك أن ثبوت ما أُخبرنا به ليس موقوفاً على عقولنا لأن مهمة عقولنا أن تعلم بهذا الذى سمعته دون تأويله.
 
والسؤال إذن: لماذا يرفض ابن تيمية التأويل؟
 
يرفضه لأن التأويل، فى رأيه، يعنى صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنى آخر فى حين أن كل آيات القرآن واضحة فى معناها وليس هناك خفاء. ولهذا فليس ثمة مبرر للتأويل. ولا أدل على ذلك من قوله «إن التأويل تحريف الكلم عن مواضعه ومخالف لإجماع سلف الأمة». ومعنى ذلك أن ابن تيمية يشترط الإجماع فى تفسير النص الديني، والتأويل خروج على الاجماع، ومن ثم فالتأويل ممتنع. والنتيجة الحتمية بعد ذلك أن يكون العقل مساوياً للسمع، أو بالأدق، هبوط العقل إلى مستوى الحس. وفى هذا المعنى يتم إلغاء العقل لحساب الحس ومن ثم يتم الاكتفاء بالحس. إذن طاعة العقل للسمع لازمة، ومن ثم يتأسس المجتمع على السمع والطاعة. والمجتمع الذى يتأسس على هذا النحو اسمه مجتمع القطيع، وهو المجتمع الذى يُطالب بتأسيسه حزب الإخوان المسلمين. هذا عن ابن تيمية فماذا عن السير الفريد إير؟
 
إنه المرَوج لفلسفة حلقة فيينا، وهى حلقة نشأت فى عام 1924 وكانت تضم علماء رياضة وفيزياء مع وجهة نظر فلسفية وكان رئيسها مورتس شليك عالم ألمانى فى الفيزياء النووية. وكانت الغاية من تأسيسها إشاعة رؤية علمية تحصر الفلسفة فى المنطق وتستبعد كل العلوم التى تزعم أنها تتناول قضايا مجاوزة للواقع المحسوس مثل علوم العقائد وعلم الوجود العام والعلوم الإنسانية والاجتماعية. وقد التحق إير بهذه الحلقة. وفى عام 1936 أصدر كتاباً عنوانه «اللغة والصدق والمنطق» وكان عمره 26 عاماً بلور فيه فلسفة حلقة فيينا التى تستند، فى رأيه، إلى مبدأ التحقق من صدق القضية العلمية إذا كان لموضوعها مقابل فى الواقع الحسي، ومن غير هذا المقابل فإن القضية تكون بلا معنى إلا إذا كانت قضية يكون أحد طرفيها كامنا فى الآخر وبالتالى لا تكون فى حاجة إلى مقابل حسي.
 
وما يهمنى هنا هو أن حلقة فيينا تجاهلت مصطلحين من أهم المصطلحات الشائعة فى القرن العشرين وهما الحضارة والثقافة. وقد كان من نتيجة هذا التجاهل أن انشغلتُ بالبحث عن وسيلة لاستعادتهما فلم يكن أمامى سوى الجمعية الفلسفية الأفروآسيوية لكى تكون منبراً لهذا الذى أنشده، ومن ثم كان مؤتمرها الفلسفى الدولى الأول الذى انعقد فى القاهرة فى عام 1978 تحت عنوان «الفلسفة والحضارة» بمشاركة تسعة من كبار الفلاسفة الذين كانوا أعضاء فى اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الدولى للجمعيات الفلسفية وكان من بينهم إير. أردت مداعبته فطلبت منه تبريراً لمشاركته، وكان جوابه أنه جاء مشاركاً بصفته إنساناً وليس بصفته فيلسوفاً، ولذلك فمن حقه إبداء الرأى فى أى شئ من شئون الانسان. ومع ذلك فقد أبدى غضبه من بحثين ألقيا فى الجلسة الأولى من فيلسوفين آسيويين أحدهما باكستانى والآخر ياباني. قال: «لقد دعانى البروفسير وهبة للمشاركة فى مؤتمر فلسفى فماذا بى أمام مؤتمر دينى». وعندما كنت أتردد على جامعات انجلترا فى السبعينيات و الثمانينات من القرن الماضى سمعت شكوى من بعض الفلاسفة الشبان من أن إير أصبح متحكماً فى مسألة نشر الكتب الفلسفية إلى الحد الذى أصبح فيه من المحال نشر كتاب خارج فلسفة حلقة فيينا. وما قام به إير فى انجلترا قام به كواين فى أمريكا. واللافت للانتباه أن كواين التحق بحلقة فيينا فى العام نفسه الذى التحق فيه إير، ثم عادا سوياً إلى بلديهما ليبشرا بفلسفة هذه الحلقة. وكل ما كان من فارق بينهما بعد ذلك هو أن كواين كان واضحاً وصريحاً فى ضرورة حصر الفلسفة فى المنطق بوجه عام وفى المنطق الرياضى بوجه خاص.
 
والسؤال إذن: ماذا يبقى للعقل من مجال لكى يلهو به؟
 
مجال الحس ليس إلا وهو المجال الذى لا يتقن الانشغال به إلا فكر ابن تيمية وإلا حزب الاخوان المسلمين المروج لذلك الفكر والمتغلغل به فى المؤسسات الثقافية فى كل من انجلترا وأمريكا. والمسئولية فى كل ذلك تقع على حلقة فيينا وعلى كل من إير وكواين وكل مَنْ سار على دربهما فى بلدان كوكب الأرض.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mohammed_hmmad
Admin
Admin
mohammed_hmmad


ذكر عدد المساهمات : 15166
نقاط : 25305
تاريخ الميلاد : 22/05/1966
تاريخ التسجيل : 17/04/2009
العمر : 57

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Empty
مُساهمةموضوع: رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (216) لماذا الحرب فى سيناء؟    رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Emptyالأربعاء 21 فبراير 2018, 3:51 am

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Morad-wahba


رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (216) لماذا الحرب فى سيناء؟


الثلاثاء 4 من جمادي الآخرة 1439 هــ 20 فبراير 2018 السنة 142 العدد 47923


فى السادس من شهر يناير من عام 2002 حضر المهندس العالمى دكتور كواك هوايكيونج بصحبة سفير كوريا الجنوبية لدى مصر اجتماع «منتدى ابن رشد». وكانت الغاية من حضوره تصوره أن هذا المنتدى كفيل بإخراجه من أزمته التى يواجهها مع محافظ الاسماعيلية ومفادها أنه كان قد أجرى دراسة جدوى لمشروع خاص بتأسيس «مدينة السلام» عند قنطرة شرق بمحافظة الاسماعيلية، والتى تقع عند الحدود بين مصر واسرائيل، وقد وافقت كل من الحكومتين المصرية والكورية على تأسيس هذه المدينة، إلا أن المحافظ امتنع عن التنفيذ.
وفى نهاية حديثه أشار إلى مطلبين: الأول هو أنه يكون ممتناً لو قُبل عضواً فى المنتدي. والثانى مساعدته عند المسئولين لاستئناف المشروع .استجبت لمطلبه وجاء الرد بالسلب لدواعى الأمن القومي. وكان ردى: كيف ولدينا معاهدة سلام مع اسرائيل؟ وفى مساء الأربعاء الموافق 28 يوليو 1993 التقانى وزير الخارجية الأسبق عمرو موسى ودار الحديث حول كيفية مواجهة الارهاب، وكان رأيه أن ثمة شقين لمواجهته: شقاً أمنياً وشقاً فكرياً. ذلك أن ما يحدث الآن فى سيناء هو إرهاب مغلف بأصولية دينية واردة من الخارج لأنها مستدعاة من الداخل. والسؤال اذن: متى نرتقى إلى الشق الفكرى لمواجهة الارهاب؟.
جواب هذا السؤال مرهون بالسلطة الثقافية إلا أنها لن تكون قادرة على هذا الجواب عندما يقال عنها إنها قوة ناعمة لأن النعومة فى هذه الحالة تعنى أنها قوة جاذبة تدفع الدول الأخرى إلى الاستجابة لما تريده من غير قهر. ومن هنا يلزم أن يقال عنها إنها قوة خشنة أو قوة مميتة وليس قوة ناعمة لأنها تواجه إرهاباً يسلبك حق الحياة بلا مبرر ويستعين فى ذلك بمفهوم عن الله لا يتصف إلا بالاستجابة لما يريده الإرهابى. ومن هنا يمكن القول إن تجديد الخطاب الدينى يلزم أن يقع فى الصدارة.
وفى عام 2001 تلقيت دعوة من أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى للمشاركة فى «الملتقى الفكرى العربى» تحت عنوان «حوار الحضارات تواصل لا صراع». وكان رأيى أن ليس ثمة حضارات إنما ثمة حضارة واحدة تنطوى على تعدد الثقافات، وعندئذ لا يكون الحوار بين حضارات إنما يكون بين الثقافات المتعددة والحضارة الواحدة من أجل تحديد مكانة هذه الثقافات من قربها أو بُعدها من الحضارة الواحدة. ومعيار هذا التحديد هو مدى خلو هذه الثقافات من الأصولية الدينية التى تستلزم مقاومة الثقافات الأخرى من أجل إقصائها ثم تدميرها بحكم توهمها أنها مالكة للحقيقة المطلقة. ورتبت على هذه المقدمات النتيجة الآتية:«إن المقاومة الفلسطينية المشروعة إذا تلوثت بالأصولية الدينية تصبح موضع شك».
وفى اليوم التالى من ذلك الملتقى قال المفكر الاسلامى محمد أركون فرنسى الجنسية من أصل جزائري: «علينا أن نلتفت إلى عبارة مراد وهبه». ثم استطرد قائلاً : إن الفقيه ابن تيمية من القرن الثالث عشر هو المسئول عن بزوغ الأصولية الاسلامية التى تقف الآن فى القرن الحادى والعشرين ضد الحداثة وضد التنوير الملازم للحداثة، واللافت للانتباه أن حركة الاخوان المسلمين هى الحركة الوحيدة الممثلة للأصولية الاسلامية. ومن هنا أصبحت هذه الحركة هى المتحكمة فى رجل الشارع. إلا أن المثقفين العرب لم يلتفوا إلى هذا التحكم.
ومع ذلك فثمة سؤال لابد أن يثار: مَنْ الذى أوقف مشروع كواك؟ أغلب الظن أن حركة الاخوان المسلمين وفرعها العسكرى بغزة هى التى أوقفت المشروع. ومع ذلك فثمة سؤال مترتب على هذا الجواب: لماذا يكون هذا الظن الغالب هو الظن الصادق؟ جوابى وارد فى مقال نشرته فى 25/8/2012 تحت عنوان «لماذا الارهاب قائم فى سيناء؟» وهو عنوان مشتق من الأحداث الإرهابية المتواصلة دون توقف، ومن بينها ما حدث فى مساء الأحد 29/8/2012 عندما استشهد 16 ضابطاً وجندياً، وأصيب آخرون على الحدود مع اسرائيل فى هجوم شنه إرهابيون. وبعد ذلك اختطف هؤلاء مدرعتين مصريتين، واتجهوا إلى الحدود الاسرائيلية حتى تبدو المعركة وكأنها بين قوات مصرية وقوات اسرائيلية. والسؤال بعد ذلك: ما مغزى هذا الحادث؟.
مغزاه الأول أن القتل فى ذلك اليوم جرى بين مصريين ومصريين وليس بين مصريين واسرائيليين. والمغزى الثانى أن القتل فى ذلك اليوم كان يرمز إلى أن الصراع القادم هو صراع بين اسلاميين من جهة ومصريين واسرائيليين من جهة أخري. والمغزى الثالث أن مؤسسة الأمن الاسرائيلى هى التى حذرت مؤسسة الأمن المصرى الأمر الذى من شأنه أن يفضى إلى تداخل بين المؤسستين بحيث يتوقف العداء المطلق القائم منذ عام 1948. والمغزى هنا أن إشكالية الحرب فى سيناء تكمن فى مفهوم الأمن من حيث هو تحالف بين مصر واسرائيل وفى الآن نفسه رفض ثقافى من قِبل المثقفين العرب لهذا التحالف. والمطلوب رفع هذا التناقض.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mohammed_hmmad
Admin
Admin
mohammed_hmmad


ذكر عدد المساهمات : 15166
نقاط : 25305
تاريخ الميلاد : 22/05/1966
تاريخ التسجيل : 17/04/2009
العمر : 57

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Empty
مُساهمةموضوع: رؤيتى لـ القرن الحادى والعشرين» (217) عبقرية الإيجاز    رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Emptyالأربعاء 28 فبراير 2018, 3:37 am

رؤيتى لـ القرن الحادى والعشرين» (217) عبقرية الإيجاز


الثلاثاء 11 من جمادي الآخرة 1439 هــ 27 فبراير 2018 السنة 142 العدد 47930

فى مسار التاريخ ثمة كتب أحدثت تغييراً فى العالم بمعنى أنها قد غيرَت أسلوب رؤيتنا لأنفسنا وللآخرين، أو أنها قد أثارت جدلاً وخلافاً وثورة، أو أنها أنارت وأغضبت وأراحت، أو أثرت الحياة ثم دمرتها. وفى هذا الزمان قررت دار نشر «بنجون»، وهى دار نشر جماهيرية، أن تصدر أعمال المفكرين العظام أو الراديكاليين الحالمين الذين أحدثوا هزة فى مسار الحضارة أو أسهموا فى اكتشاف هويتنا. إلا إنها لا تصدرها إلا فى كتيبات فى حدود ثمانين صفحة من القطع الصغير. وأظن أنها مهمة شاقة ولكنها ضرورية فى هذا الزمان المحكوم بالثورة الالكترونية التى قامت بإحداث تغيير جذرى فى كل من الزمان والمكان وذلك بإلغاء المسافة زمانياً ومكانياً وذلك بفضل الانترنت (الكل المترابط) والبريد الالكترونى والاقتصاد الرقمي. وقد ترتب على هذه الثلاثية تسريع الفكر، وقد أسهم فى هذا التسريع فيضان المعلومات الرقمية المخزونة فى الكومبيوتر.
وقد اخترت من بين هذه الكتيبات كتيباً للفيلسوف الألمانى فردريش نيتشه عنوانه «الانسان وحيداً مع نفسه»، وهو عبارة عن جمل موجزة ولها عنوان موجز. وأنت بعد ذلك وما تشاء من أن تكون هذه الجمل وسيلة لإعادة تكوين رؤية لحياتك أو لإعادة أسلوبك فى الحياة، أو عدم الإعادة مع التشبث بما أنت عليه من قيم وأفكار. وكما أنت وما تشاء كذلك أنا وما أشاء من كتابة تعليق، وأنت بعد ذلك وما تشاء. إذا استرحت إليه فبها ونعمت، وإذا لم تسترح فيكون الفضل فى ذلك لما أثرته من تعليق.
وقبل الانزلاق نحو اختيار جمل موجزة والتعليق عليها عندى رغبة فى أن أفضى إليك بالدافع الذى أدى إلى اختيارى للفيلسوف نيتشه من بين عشرات الفلاسفة الذين اختارتهم «دار ينجوين». لقد كان نيتشه أول فيلسوف يُحتفل به مع بداية ذلك القرن بمناسبة مرور مائة عام على موته إذ مات فى عام 1900. إلا أنه لم يكن أول احتفال به فقد احتفل به قبل ذلك فى عام 1894 بمناسبة مرور خمسين عاماً على مولده. وقبل هذين الاحتفالين تأسست فى 15/10/1969 «جمعية نيتشه» فى باريس بمناسبة مرور مائة وخمسين عاماً على مولده. وقيل إن السبب فى تأسيس هذه الجمعية مردود إلى أن العالم الأوروبى قد أصبح موضع تساؤل لأنه كان يواجه أزمة هوية، ومن ثم كان فى حاجة إلى مَنْ يجيب ويأتى بجديد. ولم يكن فى إمكان أحد أن يقوم بهذه المهمة سوى نيتشه. وقد أوجز جوابه فيما سماه «انقلاب على القيم القديمة» من أجل تحرير الطاقة الإبداعية المكبوتة فى الإنسان الأوروبي، أى من أجل خلق مجتمع المبدعين الخالى من أولئك الذين يتوهمون أنهم ملاك الحقيقة المطلقة. وأظن أن هذا الانقلاب مطلوب الآن لأن هذا يكمن فى أن الارهاب المستند إلى أصولية دينية تروًج للموت إذا كان استشهاداً فى سبيل قتل البشر باسم الله. ومع ذلك فإن هذا الموت، على نحو ما يفهمه الارهابي، ليس إلا معبراً إلى الحياة فى الجنة مع العيون الحور. وهو فهم جاءه من الأوصياء الأصوليين الذين كل همهم محصور فى عدم تلقى هذا الارهابى أى تعليم آخر من مصدر آخر غير مصدر التراث المغلف بالاجماع. وأظن أن فى جمل نيتشه الموجزة ما يقف ضد هذا الوهم الذى يروج له أولئك الأوصياء. خذ الجملة الآتية مع تعليق من عندي: «حق الانسان الوحيد. إن الذى يفلت من التراث يصبح ضحية التفرد. والذى يبقى فى التراث يصبح عبداً لذلك التراث. التدمير وارد فى الحالتين».
وليس عندى من تعليق سوى الاستعانة بعبارة ابن رشد الموجزة المقابلة لعبارة نيتشه وهى على النحو الآتي: «لا يُقطع بكفر مَنْ خرق الاجماع فى التأويل». الاجماع هنا يشير إلى التراث، ومن ثم فالتأويل يكون، فى هذه الحالة، خروج على التراث، أى خروجاً على الاجماع، وهو خروج لازم من لزوم التأويل. ومع ذلك فهذا الخروج يُنظر إليه على أنه نوع من الشذوذ، ومن هنا يلزم التكفير. ومع ذلك يقول نيتشه إن التدمير حاصل لكل من المتفرد والملتزم بالتراث. وهو تدمير حتمي, وهذه هى المعضلة عند نيتشه. والسؤال اذن: ما الحل؟
أن يبقى المتفرد مع التراث ولكن بشرط محاولة المتفرد فى أن يحيل تفرده إلى تيار. فإذا تم التحول فإن التيار يحدث خلخلة فى الاجماع بحيث يسمح للاجماع القائم إلى الارتقاء إلى إجماع قادم مغاير للاجماع القائم. خذ جملة أخرى مع تعليق. يقول نيتشه: «البشر مقسم إلى أقلية تعرف كيف تصنع الكثير من القليل وأغلبية تعرف كيف تصنع القليل من الكثير. ونحن نلتقى أولئك المشعوذين المشاكسين الذين لا يبدعون شيئا بدلا من أن يبدعوا شيئا من لاشيء». والرأى عندى أن المسألة ليست فى أقلية أو أكثرية إنما فى مشروعية الابداع من حيث هو حق لكل انسان باعتبار أن الانسان حيوان مبدع، وأن التراث هو المانع من الابداع، ومن ثم نعود مرة أخرى إلى معضلة التراث على نحو ما ارتآه نيتشه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mohammed_hmmad
Admin
Admin
mohammed_hmmad


ذكر عدد المساهمات : 15166
نقاط : 25305
تاريخ الميلاد : 22/05/1966
تاريخ التسجيل : 17/04/2009
العمر : 57

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Empty
مُساهمةموضوع: الحادى والعشرين» (218) الوحش والفريسة    رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Emptyالخميس 08 مارس 2018, 7:18 pm

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Morad-wahba




الحادى والعشرين» (218) الوحش والفريسة


الثلاثاء 18 من جمادي الآخرة 1439 هــ 6 مارس 2018 السنة 142 العدد 47937

فى زمن الإرهاب ثمة بزوغ لظواهر جديدة فى حاجة إلى تحليل بمفاهيم جديدة تكون مواكبة لذلك الزمان هذا إذا أردنا مواجهة الارهاب مواجهة حاسمة. من هذه الظواهر ما يمكن أن يطلق عليه مصطلح «الوحش والفريسة». والمقصود بالوحش هنا الإرهابى «الآمر»، أما الفريسة فهى الارهابى «المأمور» بتنفيذ عملية قتل البشر. وحيث إن كلا من لفظى الوحش والفريسة منقول من عالم الحيوان إلى عالم الانسان فالسؤال اذن:
هل ثمة فارق بين العالميْن؟ فى عالم الحيوان الحيوانات تأكل بعضها البعض. ومن هنا نقول إن هذا الأكل ينطوى على قسوة، مقصدها الاحساس بالمتعة واللذة. والحيوانات، فى هذا الإحساس لا تشعر بآلام الآخر وهى تقتله لأن القتل، فى هذه الحالة، هو فعل من أفعال الغريزة، أى أنها «مبرمجة»، وبالتالى تكون عاجزة عن التطور إلى الأفضل لأنها سجينة البرمجة. أما الانسان فعلى الضد من الحيوان، ومجتمعه ليس على غرار المجتمع الحيواني، إذ هو مجتمع متغير، وهذا التغير يعنى أن الانسان حر فى اختيار أفعاله. ولكن إذا قلنا إنه متغير فإننا، فى هذه الحالة، لا يمكن أن نتحدث عن طبيعة بشرية محكومة بالغرائز. وفى هذا المعنى يقول زعيم الفلسفة الوجودية جان بول سارتر فى كتابه المعنون «الوجودية نزعة انسانية» إن الانسان حر فى اختياراته لأنه غير محدد بطبيعة معينة منذ مولده حتى موته. وهو فى هذا السياق يقول إن الانسان مشروع وهو من غير هذا المشروع هو لاشيء. وحيث إن المشروع رؤية مستقبلية فمعنى ذلك أن الانسان يلقى بنفسه فى المستقبل، وهو فى تلك العملية يكون مسئولاَ مسئولية كاملة عن وجوده. إلا أن الانسان وهو يختار لنفسه إنما يختار للبشر أجمعين. ويترتب على ذلك أن الانسان حر بالضرورة، وبالتالى فإن مصيره يكون فى يده. إلا أن هذا المصير مرهون أيضا بمصير الآخرين. وهذه هى الفكرة المحورية فى فلسفة سارتر. ومع ذلك فاللافت للانتباه أن هذه الفكرة قد تبناها من قبل سارتر الفيلسوف الفرنسى جان جاك روسو فى كتابه المعنون «مقال فى أصل التفاوت بين الناس» وفيه يميز بين الأصيل والصناعى فى الطبيعة الراهنة للانسان، ويقصد بالأصيل حال الطبيعة حيث كان الانسان متوحداً فى الغابة ولهذا كان يرى نفسه حراً فى الانقياد لدافع الطبيعة أو مقاومته، وبالتالى كان يشعر بأنه كامل وسعيد. وكذلك كان كل انسان مساوياً لكل انسان. وبعد ذلك تساءل روسو: كيف خرج الانسان من حال الطبيعة؟ اضطرته أسباب طبيعية مثل البرد القارس والفيضانات والزلازل إلى التعاون مع غيره من بنى البشر ولكن كان يتخلل هذا التعاون حالة من التوحش بسبب غياب القانون الذى هو شرط الحالة المدنية. وعندما ابتدع التكنيك الزراعى زداد التعاون ولكن مع تقسيم العمل ازداد التفاوت وتفاقم الخصام ومن ثم نشأ الأغنياء والفقراء ونشأ معهما القانون المنظم لهذه القسمة الثنائية الجديدة. وأظن أننا نمر الآن بهذا الزمان حيث يشيع الارهاب، إلا أن هذا الارهاب لن يتحقق إلا إذا أصيب المجتمع بالتخلخل، وقد كان، إذ حدث هذا التخلخل فى عام 2012 عندما استولت جماعة الاخوان المسلمين على الحكم بعد أن تغلغلت فى جميع مؤسسات الدولة وفى مقدمتها التعليم فنشأ جيل من الشباب تربى على أنه مسئول عن نفسه وعن الآخرين ولكن فى اتجاه معاكس لما كان يدعو إليه كل من روسو وسارتر، وهو الاتجاه الانتحارى حيث ينحر نفسه وينحر معه آخرين، هو إلى الجنة والآخرون إلى النار، ومدعم فى ذلك بمفهوم عن إله هو أيضاً متوحش. وهذا «الاله المتوحش» هو العنوان الرئيسى لكتاب من تأليف مفكر انجليزى اسمه ألفاريز صدر فى ست عشرة طبعة 1982. أما العنوان الفرعى فهو «دراسة فى الانتحار».
والرأى عنده أن ثمة شرطين للانتحار: أن يحيا القابل للانتحار فى عالم مغلق وخانق ودون مخارج، ومحكوم بقوى لا يقدر على ضبطها لأن وراءها إلها قيل عنه فى الأساطير إنه عندما كان على كوكب الأرض كان يحرض الناس على الحرب ويخلق العداوات. ولهذا السبب كان يقال عنه إنه مكروه من الكل. والمغزى أن الانتحارى أيا كانت هويته مرهون بمفهوم معين عن الله، ويلزم من ذلك أن يكون الانتحارى الارهابى فى القرن الحادى والعشرين مرهونا هو الآخر بمفهوم معين عن الله. وبناء عليه يلزم أن يكون تجديد الخطاب الدينى فى زمن الارهاب مشروطا بتناول مفهوم الله فى سياق علم عقائدى جديد يمتنع معه بزوغ الارهاب. وإذا كان الارهاب على نحو ما أرى هو أعلى مراحل الأصوليات الدينية فيلزم من ذلك نقد هذا العلم الجديد لهذه الأصوليات. أما إذا تذرعنا بأن الأصول لن تكون موضع نقد فالإرهاب متواصل ومن ثم تصبح الحضارة ذاتها فى خطر لأنها ستكون محكومة بالوحش والفريسة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mohammed_hmmad
Admin
Admin
mohammed_hmmad


ذكر عدد المساهمات : 15166
نقاط : 25305
تاريخ الميلاد : 22/05/1966
تاريخ التسجيل : 17/04/2009
العمر : 57

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Empty
مُساهمةموضوع: الحادى والعشرين» (219) مطلوب صحفى متفلسف    رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Emptyالأربعاء 14 مارس 2018, 3:10 am

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Morad-wahba




الحادى والعشرين» (219) مطلوب صحفى متفلسف


الثلاثاء 25 من جمادي الآخرة 1439 هــ 13 مارس 2018 السنة 142 العدد 47944


والسؤال إذن: لماذا هو مطلوب؟ ورد إلى ذهنى هذا السؤال إثر قراءة ثلاثة مؤلفات لاثنين من الصحفيين أحدهما له كتابان: عنوان الأول «أصحاب أفكار» (1978) وعنوان الثانى «اعترافات فيلسوف» (1997). ومؤلفهما اسمه بريان ماجى مذيع وعضو برلمان فى انجلترا. أما الصحفى الآخر فاسمه نيكولاس فيرن صحفى إنجليزى أيضا وله كتاب عنوانه «الفلسفة» (2005). والدافع وراء إصدار هذه المؤلفات ردم الفجوة بين الفلسفة والجماهير. وقد بدأ هذا الردم مع سقراط فى القرن الرابع قبل الميلاد. إلا أن هذه البداية كانت هى النهاية وذلك بسبب الحكم على سقراط بالاعدام لأنه تجاسر وحاور الجماهير فى الأسواق الأمر الذى أفضى إلى إدخال السلطة السياسية فى زنقة إيقاظ الجماهير من سباتهم الدوجماطيقى وهو على غير ما تريده هذه السلطة. ومن يومها والفلسفة سجينة الأسوار فى الجامعات. وفى القرن العشرين استعاد سارتر ذلك الردم عندما ألف قصصاً ومسرحيات تعبر عن فلسفته. إلا أنه لم يحدث تراكم لهذه التجربة السارترية فماتت مع موت صاحبها. ومع ذلك فالذى لم يمت هو حاجة الجماهير فى هذا الزمان إلى التفلسف بسبب الثورة العلمية والتكنولوجية التى أفرزت ظاهرة «الجماهيرية» ومنها ظاهرة الإنسان الجماهير. وكان من شأن بزوغ هاتين الظاهرتين أن أصبحت الجماهير فى حاجة ملحة إلى أن تتفلسف.
أبدأ بالكتاب الأخير المعنون «الفلسفة» وأكتفى به فى هذا المقال، ومؤلفه نيكولاس فيرن يعبر عما يشعر به من ألم لأن الفلسفة لم تعد ثورية على نحو ما كانت عند عظماء الفلاسفة مثل أرسطو فيلسوف أثينا فى القرن الرابع قبل الميلاد أو كانط فيلسوف ألمانيا فى القرن الثامن عشر أو فتجنشتين فيلسوف انجلترا فى القرن العشرين. ثم راح يحكى عن خمس ثورات حدثت فى تاريخ الفلسفة. الثورة الأولى حدثت فى أثينا وقيل عنها إنها ثورة العقل من أجل قنص الحقيقة المطلقة التى عثر عليها الفلاسفة الطبيعيون فى القرن السابع قبل الميلاد وقالوا عنها إنها المادة واختلفوا حول كنهها فقيل تارة إنها الماء وتارة أخرى إنها الهواء وتارة ثالثة إنها النار. وجاء أفلاطون فى القرن الرابع قبل الميلاد وقال عنها إنها فى عالم آخر غير هذا العالم الذى نعيش فيه. والثورة الثانية حدثت فى القرن الثامن عشر وجاءت على النقيض من الثورة الأولى إذ أعلن فيها فيلسوف ألمانيا كانط أن المسألة الأساسية فى الفلسفة ليست فى العالم الطبيعى ولا فى عالم مفارق لهذا العالم إنما هى فى الانسان أو بالأدق فى عقله فتناوله بالتحليل فى مؤلفاته وانتهى إلى أن هذا العقل عاجز عن قنص الحقيقة المطلقة ولكنه فى الوقت نفسه لا يكف عن البحث عنها دون أن يجدها. والثورة الثالثة حدثت فى زمن الثورة الثانية التى قام بها كانط وكان فيها متأثراً بتلك الثورة التى قادها فيلسوف اسكتلندى اسمه هيوم وتدور حول التشكيك فى قدرة العقل على الوصول إلى اليقين المطلق ومن هنا آثر أن يبقى فى مجال يتسم بأن أى ظاهرة ممكن أن تحدث وممكن ألا تحدث.
والثورة الرابعة أشعلها فيلسوف ألمانيا هيجل فى القرن التاسع عشر إذ لم يكن يعنيه معرفة الإنسان على ما هو عليه الآن بقدر ما كان يعنيه ماذا يكون عليه فى مستقبل الأيام، أى أن ما كان يعنيه هو التطور.
أما الثورة الخامسة والأخيرة فقد قام بها فيلسوف النمسا فتجنشتين عندما وضع حداً لتجاوزات العقل وذلك بسبب اكتشافه أن للغة حدوداً ليس فى الإمكان تجاوزها وبذلك توارت الحقيقة إذ لم تعد لها وجود لا فى السموات ولا فى العقل ومن ثم لم يبق سوى قواعد اللغة التى يلزم الانشغال بها. وقد تأثر رسل بتلميذه فتجنشتين عندما أثار هذا السؤال: إذا كانت العلوم قد استقلت عن الفلسفة فماذا يبقى للفلسفة إذا أريد لها الحياة؟ وكان جوابه على النحو الآتي: لقد عثرت على مؤلفات الفلاسفة فى غرفة مكتوباً على مدخلها «نحن لا نعرف شيئاً». وأظن أن هذه العبارة قد أدت إلى عبارة أخرى تشى ببزوغ عصر جديد قيل عنه إنه «عصر ما بعد الحقيقة».
وإثر الانتهاء من قراءة ذلك الكتاب للصحفى المتفلسف نيكولاس فيرن دارت فى ذهنى الفكرة الآتية: إذا كان عصر الجماهير يستلزم أن تكون الفلسفة جماهيرية لكى تتمكن من التحكم فى هذا العصر وتمنعه من السقوط فى هاوية الارهاب فيلزم من ذلك أن يكون لدينا صحفيون متفلسفون يؤدون دورهم فى تنوير الجماهير. والمفاجأة هنا أنه إثر انتهائى من صياغة هذه الفكرة رن المحمول فى صباح الخميس الموافق 8/3/2018 وإذا بصوت رقيق يقول: أنا مفيد فوزي. ثم استطرد قائلاً: أريد أن أقتنى مؤلفات ابن رشد. وإثر انتهاء المكالمة: تساءلت: هل فى إمكان الأستاذ مفيد فوزى أن يكون صحفياً متفلسفاً ويؤلف كتاباً يتفلسف فيه فى سياق فلسفة ابن رشد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mohammed_hmmad
Admin
Admin
mohammed_hmmad


ذكر عدد المساهمات : 15166
نقاط : 25305
تاريخ الميلاد : 22/05/1966
تاريخ التسجيل : 17/04/2009
العمر : 57

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Empty
مُساهمةموضوع: الحادى والعشرين» (220) الحوار فى المجتمع المدنى    رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Emptyالأربعاء 21 مارس 2018, 3:43 am

الحادى والعشرين» (220)  الحوار فى المجتمع المدنى


الثلاثاء 2 من رجب 1439 هــ 20 مارس 2018 السنة 142 العدد 47951

هذا المقال موجز لبحث ألقيته في الأسبوع الماضي بالمملكة العربية السعودية في مؤتمر بتنظيم من جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بالرياض وبالتعاون مع الأمانة الفنية لمجلس وزراء الشئون الاجتماعية العرب تحت عنوان «دعم وتشجيع ثقافة الحوار». وهو علي النحو الآتي: ما الحوار؟
عند سقراط الغاية من الحوار توضيح المعانى الغامضة وإقصاء التناقضات غير المشروعة دون أن ينشغل بالوصول إلى الحقيقة، ومع ذلك فثمة سؤال يلزم أن يثار: هل فى الامكان إجراء حوار بدون قنص الحقيقة؟ ممكن إذا أجرى الحوار لتحقيق غاية أخرى غير قنص الحقيقة، والسؤال اذن: ما هى هذه الغاية الأخرى؟ أجيب فى سياق الجزء الثانى من عنوان هذا البحث وهو «المجتمع المدنى».
والسؤال اذن: ما هى سمة المجتمع المدنى؟ أجيب مستعيناً بالفيلسوف الانجليزى جون لوك فى حواره مع نقيضه السير روبرت فيلمر.
والسؤال اذن: ماذا قال فيلمر وماذا كان رد لوك؟
ما قاله فيلمر ورد فى كتابه المعنون «النظام البطريركى»، أى النظام المحكوم بالرجال أى بالآباء الذين لديهم سلطان مؤسس على الحق الألهى، ومن هنا أيضا قيل «الحق الالهى للملوك»، ومن ثم يكون خلعهم أمراً بشعاً ليس فى الامكان تصوره. وبناءً عليه وجه فيلمر نقداً لاذعاً للديمقراطية.
أما لوك فعلى الضد من فيلمر، إذ فى رأيه أن الانسان يولد حراً، ومن ثم فإن أى نظام حكم يلزم بالضرورة أن يستند إلى عقد اجتماعى معتمد من جماعة بشرية لتأسيس مجتمع يكون من صنع سلطة العقل وليس من صنع سلطة دينية، وهنا يتساءل لوك: مَنْ الذى ألهم فيلمر فكرة الحق الالهى للملك؟ وكان جوابه إنها من اختراع اللاهوتيين إلا أنه اختراع وهمى لأنه يصور لك الحاكم كأنه يحيا فى عالم مجاوز للطبيعة. وليس فى امكانك إزالة هذا الوهم إلا بأن تتصوره مسايراً للطبيعة.
ومع ذلك فثمة سؤال: ماذا حدث فى حال مسايرة الطبيعة قبل تأسيس المجتمع المدنى؟
سيادة المساواة الكاملة والحرية الكاملة، ومن ثم كان لدى البشر حقوق طبيعية، إلا أنهم كانوا عاجزين عن المحافظة عليها فى حال نشوب خلافات حول أحقيتهم لهذه الحقوق بسبب غياب القانون،ومن هنا أصبح فى إمكان حال الطبيعة الانزلاق نحو الحرب، ومن هنا أيضاً أصبح من اللازم تأسيس المجتمع السياسى أو ما يسميه لوك المجتمع المدنى للمحافظة على حياتهم، وفى هذا السياق يمكن القول إن حق الحياة يأتى فى صدارة الحقوق عند تأسيس ذلك المجتمع، وهو يأتى كذلك فى الصدارة إذا واجه ذلك المجتمع تهديداً للحياة من قِبل الأصوليين فى القرن الحادى والعشرين والذى يتلخص أمرهم فى توهمهم أنهم يملكون الحقيقة المطلقة، ومن ثم يدخلون فى صراع مع غيرهم يبدأ فى حده الأدنى بالتكفير وينتهى فى حده الأقصى بالقتل.
والسؤال اذن: ما الغاية من الحوار؟
إن الغاية من الحوار لن تكون اقناع أيا كان بحقيقة معينة لأن مقارعة الحجة بالحجة لن تفضى إلى الاقناع لأن الحجة أيا كانت تنشد التدليل على صحة حقيقة معينة، ولكن إذا كانت الحقيقة ذاتها مشكوكاً فيها لأنها متغيرة ونسبية فإن الحوار لن يكون له علاقة بالحقيقة بل بأمر آخر غيرها وهو التغيير باعتباره ضرورة حضارية لأن الحضارة ذاتها هى الأصل فى تغيير الأنسقة الثقافية التى هى افراز من الحضارة الانسانية فى مسارها من الفكر الأسطورى إلى الفكر العقلانى، ومعيار المقارنة بين نسق وآخر يكمن فى مدى قُربه أو بُعده من ذلك المسار، ومن هنا يلزم أن يدور الحوار فى المجتمع المدنى حول مدى قُرب النسق الثقافى من الفكر العقلانى، ومن ثم تكون الغاية من الحوار الاتفاق على مشروع ثقافى يشترك فيه كل المتحاورين من أجل بلورته.
والسؤال بعد ذلك: ماذا يعنى لفظ المشروع؟
إنه رؤية مستقبلية، أى رؤية لوضع قادم فى مقابل وضع قائم مأزوم يلزم اقصاؤه، وإذا أضفنا لفظ الحضارة يكون المشروع عندئذ مشروعاً حضارياً يكون موضع حوار فى المجتمع المدنى، وإذا لم يتفق المتحاورون على مشروع مشترك فإن الحوار فى هذه الحالة يمتنع وتبقى الأزمة على حالها تمهيداً لحدوث تفكك يأخذ فى التصاعد حتى ينهار المجتمع.
وهنا ثمة سؤال يلزم إثارته: هل المجتمع المدنى الآن فى حالة تدهور؟
إذا كان الجواب بالايجاب فمن الذى فى مقدوره منعه من أن يتدهور؟ إنهم المثقفون، ولكن ما العمل إذا كان المثقفون فى حالة لا وعى؟ ولا أدل على هذا اللاوعى من ثورات الجماهير العربية التى دمرت الوضع القائم المتأزم دون أن يكون لديها رؤية لوضع قادم، ولكن إذا كانت الجماهير الثائرة بلا مثقفين وإذا كان المثقفون فاقدى الوعى فما البديل؟ أترك الجواب لقراء هذا المقال، إذ ليس عندى بديل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mohammed_hmmad
Admin
Admin
mohammed_hmmad


ذكر عدد المساهمات : 15166
نقاط : 25305
تاريخ الميلاد : 22/05/1966
تاريخ التسجيل : 17/04/2009
العمر : 57

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Empty
مُساهمةموضوع: الحادى والعشرين» (221) لماذا فشل الحوار الدينى ؟    رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Emptyالثلاثاء 27 مارس 2018, 4:54 pm

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Morad-wahba


الحادى والعشرين» (221)  لماذا فشل الحوار الدينى ؟


الثلاثاء 9 من رجب 1439 هــ 27 مارس 2018 السنة 142 العدد 47958

ذا السؤال مشتق من مقال للدكتور الأنبا قلته نشره فى جريدة الأهرام بتاريخ 18/2/2018 تحت عنوان ( الحوار الدينى أم الحوار الفلسفي) ومفاده أن الحوار الدينى وصل إلى طريق مسدود. والبديل عن الحوار الدينى هو الحوار الفلسفي. وقد انتهى إلى هذه النتيجة استناداً إلى خبرته الذاتية التى اكتسبها من وجوده عضواً فيما يسمى ( بيت العائلة).
وفى مسار فكرى واجهت شيئاً من هذا القبيل. ففى عام 1946 كنت طالباً فى بداية السنة الرابعة بقسم الفلسفة بجامعة فؤاد الأول وكنت على علاقة حميمة مع الأب قنواتى مؤسس ومدير معهد الدراسات الشرقية للآباء الدومنيكان بالقاهرة بحكم ترددى على مكتبة المعهد الثرية بالكتب النادرة وغير النادرة. وفى ذلك العام دعانى الأب قنواتى للانضمام إلى جماعة (إخوان الصفا) وهى جماعة نشأت فى القاهرة فى يناير 1941 وكان رئيسها المستشرق الفرنسى لويس ماسينيون الذى يعتبر الأب الروحى للحوار الاسلامى المسيحى فى سياق المتصوفة، وليس فى سياق المتفلسفة. وارتأيت فى حينها أن ثمة تناقضاً بين ذلك الحوار وما يموج به المجتمع المصرى من إرهاصات ثورية تنبئ عن تغيير مرتقب فى نظام الحكم فانسحبت من الجماعة. غير أن المفارقة هنا أن الرئيس جمال عبد الناصر أصدر قراراً بإلغائها ثم أعادها الرئيس السادات، ولكن تحت مسمى (جماعة الإخاء الديني) وكان مهندس الحوار هو الأب قنواتى نفسه، ولكن فى إطار جديد كان قد بلوره فى محاضرة ألقاها فى جامعة القديس توما بروما فى 29 نوفمبر 1963 تحت عنوان (الاسلام فى زمن المجمع المسكونى الثاني). وفى ختام محاضرته قال: «إن العقائد غير قابلة للتغيير. ولهذا من العبث الاقتراب منها». ومعنى هذا القول أن الحوار الاسلامى المسيحى ينشد أمراً خارج العقيدة وقد كان هذا الأمر محكوماً بمقاومة التنوير بحكم أن الأب قنواتى ينتمى إلى مدرسة توما الأكوينى التى مارست مطاردة ابن رشد فى أوروبا فى القرن الثالث عشر لمنع مساهمته فى تأسيس تيار تنويري.
وإثر الانتهاء من إلقاء محاضرته أسس البابا بولس السادس (لجنة للأديان غير المسيحية) مع تعيين الأب قنواتى رئيساً. وطلب منى الانضمام إلى (جماعة الإخاء الديني) للمساهمة فى الحوار الاسلامى المسيحى إلا أننى لم أستجب، وكانت حجتى أن الملتزم بمعتقد معين هو على يقين من أنه مالك للحقيقة المطلقة، وأن هذه الحقيقة ليس لها من بديل. ولهذا فالحوار بين المعتقدات من شأنه أن يفضى إلى أن يزداد صاحب المعتقد تمسكاً بما يملك خوفاً من ضياعه أثناء الحوار، أو من التنازل عن جزء منه. والنتيجة مزيد من التعصب، بل مزيد من الارهاب لأن الارهاب ملازم للتعصب. ولم يقتصر احجامى على دعوات الأب قنواتى بل امتد إلى دعوات أخرى جاءت من منظمات دولية اشترطتُ فيها توجيه نقد جذرى لمفهوم حوار الأديان فتم الاعتذار عن عدم ارسال الدعوة إلا مرة واحدة قبلت فيها الدعوة للمشاركة فى الملتقى الاسلامى المسيحى الخامس الذى عقده (مركز الدراسات والأبحاث الاقتصادية والاجتماعية) بتونس فى نوفمبر 1991 إذ وافق رئيسه عبد الوهاب بوحديبه أن أكون ناقداً. وكانت المفاجأة إعلان بوحديبه أن ذلك المؤتمر الخامس هو نهاية المطاف، أى أن المركز لن يعقد ملتقيات أخرى على ذلك المنوال.
واللافت للانتباه هنا الافتراق بين الأب قنواتى والأنبا قلته وهما من اللاهوتيين الكاثوليك الكبار. الأول مع الحوار الدينى وبلا تردد والثانى ضد الحوار الدينى بلا تردد، أيضاً. ومع ذلك فقد سألنى الأب قنواتى قبل مغادرته هذه الدنيا بستة أشهر: ما رأيك فيما هو حادث؟ فأجبته بسؤال: وما هو الذى هو حادث؟ أجاب: التعصب. فأجبته بلا تردد: من أسبابه أصولية دينية مغلفة بحوار ديني. أما الأنبا قلته فقد التقيته فى ندوة بتنظيم من الهيئة القبطية الانجيلية للخدمات الاجتماعية تحت رئاسة القس الدكتور صموئيل حبيب فى أول سبتمبر 1997، والذى قال فى مفتتح الندوة عبارة لها مغزي» إن الله فوق الأديان». فالرأى الشائع أن الدين الذى يؤمن بالله هو المعادل الموضوعى لهذا الاله. أما هذه العبارة فتعنى على الضد من ذلك، إذ تعنى أن الدين ليس هو المعادل الموضوعى لله. ومن هنا جاء تعليقى على النحو الآتي: إذا كان الله فوق الأديان فالأديان بالضرورة نسبية. وتساءل الأنبا قلته مداعباً: وإذا كان ذلك كذلك فماذا نحن فاعلون؟ وكان يقصد رجال الدين. وأظن أن المداعبة التى أبداها فى عام 1997 قد انتهت فى عام 2018 إلى عبارته التى جاءت فى مقاله وهى أن (الحوار الدينى وصل إلى طريق مسدود). ثم ارتأى أن الحوار الفلسفى هو البديل. وأنا بدورى أتساءل: هل ثمة منظمات فلسفية منشغلة بإجراء حوار بين الفلاسفة فى مواحهة الارهاب؟
أظن أنها الجمعية الدولية لابن رشد والتنوير التى تأسست فى القاهرة فى عام 1994 إلا أنها تلقى مقاومة. فما العمل؟.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mohammed_hmmad
Admin
Admin
mohammed_hmmad


ذكر عدد المساهمات : 15166
نقاط : 25305
تاريخ الميلاد : 22/05/1966
تاريخ التسجيل : 17/04/2009
العمر : 57

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Empty
مُساهمةموضوع: الحادى والعشرين» (222) ماذا فعل الفلاسفة بعقل الانسان؟    رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Emptyالأربعاء 11 أبريل 2018, 4:26 am

الحادى والعشرين» (222)  ماذا فعل الفلاسفة بعقل الانسان؟


الثلاثاء 16 من رجب 1439 هــ 3 أبريل 2018 السنة 142 العدد 47965


وَلدت حواء قايين ثم ولدت هابيل، وكلم قايين أخاه هابيل، وعندما كانا فى الحقل قام قايين على هابيل أخيه وقتله، فقال الرب لقايين: أين هابيل أخوك؟. هذه الرواية منقولة من سفر التكوين، وعلى غرارها يمكن أن نتساءل: أيها الفلاسفة ماذا فعلتم بعقل أخيكم الانسان؟
والفارق بين السؤالين أن كلا من قايين وهابيل كانا منشغلين بزراعة الأرض، أما الفلاسفة فقد انشغلوا بزراعة الحقيقة فى عقل الانسان فكانت البداية هذا السؤال: ما الحقيقة؟ وجاء الجواب من القرن الرابع قبل الميلاد على يد فيلسوف يونانى اسمه بروتاغوراس، نشر كتاباً اسمه «الحقيقة» نفى فيه الحقيقة بحجة أن احساس إنسان بشئ يأتى مخالفاً لإحساس إنسان آخر، وجاء بعده سقراط وقيل عنه إنه مثل ذبابة الخيل مزعج ومقلق فيما كان يثيره من مسائل لا ينتهى منها إلى أية حقيقة، ثم جاء فيلسوف آخر اسمه بيرون من القرن الثالث قبل الميلاد ودفع مسار سقراط إلى منتهاه فإذا به يتشكك فى كل شئ وبذلك وضع أساساً لمذهب فلسفى اسمه «مذهب الشك»، ثم رتب على هذا المذهب نتيجة مهمة وهى أن يظل العقل مفتوحاً من غير إغلاق ومن غير انحياز، أى من غير تعصب وبذلك تتحقق سكينة النفس.
ومع ذلك تساءل الفلاسفة عما إذا كان فى الامكان تحقيق هذه السكينة فى مسار آخر غير مسار الشك، وكان فى مقدمة هؤلاء أوغسطين (354-430م). كان مؤمناً ومع ذلك واجه أسئلة بلا جواب، مثل: ماذا يريد منه الله أن يفعله؟ وكيف يلزم أن تكون الحياة؟ وكان يتصور أن الخطأ فى الاجابة قد يقفز به إلى جهنم، ولكن إذا كان ذلك كذلك فلماذا يسمح الله بالخطأ أو بالشر؟ هل يريد منا أن نتعذب؟ وللخروج من هذه الاشكاليات ابتدع أوغسطين مفهوم حرية الاختيار، ومن ثم يكون الخطأ من مستلزمات الاختيار، ومع ذلك ظلت الاشكاليات قائمة بلا حل لأنه إذا كان الله يعرف مقدماً اختياراتنا فلماذا لا يمنعنا من أدائها إذا كانت خاطئة أو شريرة؟ والسؤال اذن: هل ثمة مسار آخر؟
جاء الجواب بالايجاب من فيلسوف انجليزى اسمه توماس هوبز من القرن السابع عشر إذ ارتأى أن مسئولية الانسان هى من شأن الدولة وليس من شأن الانسان نفسه لأن الانسان بطبيعته أنانى بل هو ذئب لأخيه الانسان، يقتُله قبل أن يقتَله، ومن هنا اخترع الانسان السلطان القاهر الذى من مسئوليته منع هذا القتل، ولكن ماذا يحدث لو ضعف هذا السلطان؟ نعود مرة أخرى إلى حالة الشك التى اصطنعها بروتاغوراس، ورددها الفيلسوف الفرنسى ديكارت عندما تخيل أن ثمة شيطاناً خبيثاً قابعاً داخل الانسان حريصاً على تضليله.
والسؤال اذن: ماذا يعنى هذا التضليل؟. إنه يعنى أن لدى هذا الشيطان الخبيث فكرة يريد أن يخدع بها الانسان، ومعنى ذلك أن ثمة فكرة تدور فى عقل الانسان، ومن هنا يحق لديكارت القول بأن العقل يفكر. وإذا كان العقل يفكر فهو اذن موجود، وهو يعنى فى المقام الأول زوال الشك، ولكن هل معنى زوال الشك زوال الشيطان الخبيث؟ سؤال يُدخل ديكارت فى زنقة.
والسؤال اذن: مَنْ يخرج ديكارت من هذه الزنقة؟
لقد قام بهذه العملية فيلسوف فرنسى اسمه بسكال عندما قال عبارته المشهورة «للقلب حجج يجهلها العقل»، ورتب عليها عبارة أخرى وهى أننا نعرف الله بالقلب دون العقل، إلا أن هذه العبارة أدخلت بسكال فى زنقة وإن كانت مغايرة لزنقة ديكارت، إذ هى فى هذه المرة تُحدث إقصاء للعقل، وبالتالى تُحدث إقصاء للفلسفة، لأن الفلسفة أساسها إعمال العقل منذ أن وُلدت، وقد تصور بسكال أن فى إمكانه إخراج نفسه من هذا المأزق عندما استعان بالرهان بديلاً عن العقل، ومن ثم تصبح نظرياته بعد ذلك مجرد مغامرات. مثال على إحدى هذه المغامرات يبدأ بسؤال: ماذا يحدث إذا راهنا على صحة القضية القائلة بخلود الانسان؟ إذا خلد الانسان ربح الرهان وإذا لم يخلد فإنه لن يخسر شيئاً، ولكن الجدير بالتنويه هنا أن مغامرات بسكال لم تتحول إلى تيار فلسفى، إذ جاء الفيلسوف الألمانى العظيم كانط فى القرن الثامن عشر مصمماً على إراحة العقل الانسانى من هذه الزنقات فارتأى أن هذا العقل يشتهى قنص المطلق، إلا أن هذا القنص لن يتحقق لأن العقل نسبى فى كل ما يقتنصه وبالتالى فإنه إذا توهم أنه اقتنص المطلق فإن هذا المطلق يتحول إلى نسبى بالضرورة، ومع ذلك فقد أصدر الملك أمراً إلى كانط بالامتناع عن الخوض فى مسائل تخص الدين. والمفاجأة هنا أنه فى القرن الحادى والعشرين وُلدت ميليشيات أصولية مسلحة تزعم أنها مالكة للحقيقة المطلقة وترهب بالقتل مَنْ يقاومها، والسؤال بعد ذلك: هل المخرج يكمن فى إقصاء الحقيقة عن العقل؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mohammed_hmmad
Admin
Admin
mohammed_hmmad


ذكر عدد المساهمات : 15166
نقاط : 25305
تاريخ الميلاد : 22/05/1966
تاريخ التسجيل : 17/04/2009
العمر : 57

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Empty
مُساهمةموضوع: الحادى والعشرين» (223) ماذا فعل الفلاسفة بعقل الانسان؟    رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Emptyالأربعاء 11 أبريل 2018, 4:33 am

الحادى والعشرين» (223)  ماذا فعل الفلاسفة بعقل الانسان؟


الثلاثاء 23 من رجب 1439 هــ 10 أبريل 2018 السنة 142 العدد 47972


انشغل الفلاسفة بعلاقة العقل بالحقيقة فدخلوا فى زنقة عندما ترنح العقل فى الكشف عنها إلى أن جاءت الميليشيات الأصولية المسلحة وأعلنت اقتناصها للحقيقة المطلقة وراحت تقتل كل مَنْ يقاومها.
والسؤال بعد ذلك: وماذا عن العلماء؟ هل انشغلوا بما انشغل به الفلاسفة؟
إن العلم منذ بداية نشأته كان مع السحر والدين والتكنولوجيا، وكان همه فهم الكون من أجل التحكم. ونشأة الحضارة فى وديان الأنهار فى مصر والهند والصين تدلل على صحة هذا القول، ومن هنا كانت التكنولوجيا التى كانت تعنى «الفعل» أهم من العلم لأنها هى التى حولت أرضا غير زراعية إلى أرض زراعية بفضل مياه الأنهار. ولازم هذه النشأة بزوغ ثلاثة علوم: الحساب والفلك والطب. الحساب لكى نعرف «كم» المحصول المطلوب زرعه وكم عدد البنائين المطلوبين لبناء الأهرامات. والفلك لكى نعرف العلاقة بين الشمس والقمر والنجوم من جهة والأيام والشهور والفصول من جهة أخرى وبعد ذلك يأتى التقويم. أما الطب فلمعرفة أسباب الأمراض.
ومع ذلك فقد كان التفكير الخرافى مانعاً للعلم من أن يتمادى فى مسار التغيير إلى أن جاء دارون فى القرن التاسع عشر وابتدع أسلوبا جديداً للتفكير يكمن فى مصطلحين «البقاء للأصلح» و«الانتخاب الطبيعى» وينطوى على مفهوم «التغيير» وليس على مفهوم الحقيقة. والتغيير هنا لم يكن مقصوراً على الانسان بل امتد إلى الطبيعة. وعندما قارن دارون بين التغيير فى الطبيعة والتغيير فى الانسان من حيث السرعة وجد أن التغيير فى الطبيعة بطىء إلا أنه يزداد سرعة مع تدخل الانسان. ومع ذلك فثمة عقبات من شأنها إضعاف عملية هذا التدخل ومن بينها مرض الانسان.
وقد كان تفسير المرض مردوداً إلى تغييرات تحدث فى أمزجة البدن أو من شراهة فى المأكل. ولم يكن أحد يفكر فى أن يكون هذا التغيير مردوداً إلى سبب خارجي، أى من جرثومة حية. وقد كان اكتشاف هذه الجرثومة انقلاباً فى الطب.
وقد تم هذا الاكتشاف بفضل العالم الفرنسى باستير الذى ذاعت شهرته عندما أعلن عن فكرته القائلة بضرورة تسخين اللبن إلى درجة حرارة معينة يتم فيها قتل الجراثيم. وجاء بعده روبرت كوخ الذى تفرغ لدراسة البكتيريا وهى كائنات حية ضئيلة الحجم تسبب السُل كما تسبب الكوليرا.
وفى نهاية القرن التاسع عشر أٌعلن أن الذرات مكونة من وحدات أُطلق عليها لفظ «الكترونات»، وفى نهاية التسعينيات اكتشف رذفورد أن ذرة اليورانيوم تفرز نوعين من الاشعاعات أحدهما اسمه«ألفا» والآخر اسمه «بيتا». ومع الوقت اكتشف رذرفورد أن كلا من ذرة الراديوم واليورانيوم تفرزان اشعاعات.ومن هنا واصل البحث فى بنية الذرة فاتضح أن نواة الذرة بها شحنة موجبة والالكترونات بها شحنة سالبة. وبعدها قيل عن رذفورد إنه مؤسس الفيزياء النووية، وفى عام 1908 نال جائزة نوبل فى الكيمياء، ونال تلاميذه الجائزة ذاتها ومن بينهم العالم الدنمركى نيلزبور «1885ــ 1962» الذى اكتشف أن كتلة الذرة متمركزة فى النواة وأن بنية الذرة مماثلة لنسق الشمس حيث الشمس مثل النواة فى الوسط وحولها الكواكب مثل الالكترونات تدور حولها، وأن نواة الذرة بها شحنة كهربائية موجبة تسمى «بروتونات». وكلما كان وزن الذرة أثقل كان بها عدد أكبر من البروتونات. وفى عام 1932 اكتشف شادويك من جامعة كمبردج أن معدن البيريليوم يفرز جسيماً خاليا من أية شحنة كهربائية أطلق عليه لفظ «نترون». ثم اتضح بعد ذلك أن هذا النترون لديه قوة تفجير النواة فى ذرات أخري، وسميت هذه القوة بمصطلح «الانشطار النووى»، ومن ثماره القنبلة الذرية التى سقطت على هيروشيما باليابان وأنهت بذلك الحرب العالمية الثانية.
إلا أن كل ذلك التطور لم يكن ممكناً من غير أينشتين الذى غيَر أسلوب تفكيرنا عن الكون. ففى عام 1905 أعلن معادلته الثورية بأن الطاقة تساوى الكتلة فى مربع سرعة الضوء. ومعنى ذلك أن ثمة علاقة جديدة بين الطاقة والكتلة تفيد بأنه إذا تحولت الكتلة التى فى جسمك إلى طاقة فإن القوة المنطلقة تعادل خمس عشرة قنبلة هيدروجينية. وبعد ذلك انتقلت الأبحاث من المادة إلى الانسان فاكتشف أن جسمه مكون من 22000 من الجينات، وأن التوغل فى هذه الجينات قد يكشف عن سر الحياة. فثمة خلايا تموت وثمة خلايا تحيا والجينات هى التى تحدد موعد كل من الموت والحياة باستثناء خلايا السرطان التى لا نعرف متى تموت فتظل فى التكاثر. وفى هذا السياق نشرت بحثاً كنت قد ألقيته فى مؤتمر به جمع من الأطباء ومنهم من كان حائزاً على جائزة نوبل فى الكيمياء، وكان عنوان البحث «حياة بلا موت».
والسؤال بعد ذلك كله: ما المغزى من هذا السرد التاريخى لتقدم العلم؟ المغزى أنه خال من لفظ «الحقيقة» ومملوء بلفظ «التغيير». ومعنى ذلك أن العقل عند العلماء لا علاقة له بالحقيقة على النحو الذى نراه عند الفلاسفة. فهل تتغير رؤية الفلاسفة؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mohammed_hmmad
Admin
Admin
mohammed_hmmad


ذكر عدد المساهمات : 15166
نقاط : 25305
تاريخ الميلاد : 22/05/1966
تاريخ التسجيل : 17/04/2009
العمر : 57

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Empty
مُساهمةموضوع: الحادى والعشرين» (224) صدام فلسفى بعصا معدنية    رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Emptyالثلاثاء 24 أبريل 2018, 7:04 pm

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Morad-wahba


الحادى والعشرين» (224)  صدام فلسفى بعصا معدنية


الثلاثاء 1 من شعبان 1439 هــ 17 أبريل 2018 السنة 142 العدد 47979



حدث هذا الصدام فى مساء الجمعة الموافق 25 أكتوبر عام 1946 فى «نادى الأخلاق» بجامعة كمبردج فى انجلترا وفى الاجتماعات الأسبوعية التى كانت تنعقد بحضور فلاسفة الجامعة وطلاب الفلسفة فى إحدى قاعات كنجز كولدج فى الساعة الثامنة والنصف مساءً. وفى ذلك المساء كان المتحدث الضيف هو الفيلسوف الانجليزى من أصل يهودى نمساوى كارل بوبر وجاء عنوان محاضرته على هيئة سؤال: «هل ثمة مشكلات فلسفية؟». وكان من بين المستمعين البروفيسور لودفيج فتجنشتين الذى كان يقال عنه إنه من أعظم فلاسفة زمانه.
وكانت هذه هى المرة الأولى التى يلتقى فيها هؤلاء الفلاسفة العظام ومع ذلك فليس ثمة رواية واحدة تحكى لنا ما حدث بالدقة فى ذلك اليوم، إنما ثمة اتفاق على أن الصدام الفلسفى الذى استغرق عشر دقائق كان حاداً بين بوبر وفتجنشتين حول ما إذا كانت الفلسفة تنشغل ببحث مشكلات فلسفية حقيقية أم أنها ليست إلا مجموعة من الألغاز. ومع ذلك فقد سرت شائعة مفادها أن ثمة لكمات متبادلة حدثت بينهما وكانت مع فتجنشتين عصا معدنية. وقد حكاها بوبر فى سيرته الذاتية التى نشرها فى عام 1974 فى كتاب تحت عنوان «بحث بلا نهاية» أعلن فيه أن ثمة مشكلات فلسفية حقيقية جديرة بالتناول والبحث. هكذا كان رأى بوبر. وعندما سئل بوبر فى ذلك الاجتماع عن مكانة الأخلاق فى الفلسفة فاذا بفتجنشتين يتحداه بأن يذكر للحاضرين قاعدة أخلاقية واحدة تكون جديرة بأن يدور حولها حوار فلسفي. وجاء جواب بوبر على النحو الآتي: «ألا تهدد المحاضرين الزائرين بالعصا». وفى عصبية واضحة رمى فتجنشتين العصا على الأرض وغادر القاعة غاضبا ً ثم صفع الباب خلفه.
ما مغزى هذا الصدام الفلسفى المؤلم؟
وأجيب بسؤال:
ما الغاية من التفلسف؟
وأنا أثير هذا السؤال بمناسبة الثورة التى أحدثها برتراند رسل فى الفلسفة والتى يقال إن لها علاقة بذلك الصدام، ومفادها أن أدوات علم المنطق ضرورية لفهم المشكلات الفلسفية. فقبل رسل كان اهتمام الفلاسفة يدور حول البحث عن اليقين المطلق من أجل القضاء على ما يصيب العقل بحالة من الشك فى كل ما يثيره من قضايا أو مشكلات. وكان الفيلسوف الفرنسى ديكارت من القرن السابع عشر هو أول مَن أعلن قدرة العقل على قنص اليقين المطلق عندما أعلن عبارته المشهورة «أنا أفكر اذن أنا موجود» وقد أعلنها بعد أن تشكك فى جميع الحقائق التى ورثها من العصور الوسطي. ومغزى العبارة أننى عندما أشك فأنا أفكر، وعندما أفكر فأنا موجود. إلا أن رسل سلك طريقا آخر غير ذلك الذى سلكه ديكارت، إذ ارتأى أن مشكلة الفلسفة لاتكمن فى البحث عن ذلك اليقين، إنما تكمن فى البحث عن العلاقة بين اللغة والعالم الخارجي. وحجته فى ذلك أنه بدون الألفاظ اللغوية لن يكون فى إمكاننا معرفة العالم الخارجي. ولكن فى حلقة فيينا التى تأسست فى عام 1924 كان مسارها الفلسفى مغايراَ لمسار رسل، إذ إن أعضاءها كانوا متعاطفين مع المسار الفلسفى لكل من فتجنشتين وبوبر على الرغم مما حدث بينهما من صدام فلسفى بعصا معدنية وعلى الرغم أيضا ً من أنهما لم يكونا من أعضاء الحَلقة. وسبب ذلك مردود إلى تميز الحلقة عن نادى الأخلاق بجامعة كمبردج حيث الأولى ترى أن الفلسفة يلزم أن تتعلم من العلم فى حين أن الثانى كان يرى أن العلم هو الذى يلزم أن يتعلم من الفلسفة. ومع ذلك كله فان حلقة فيينا تجاوزت هذا التميز وسارت بعيداً فى التأثر بالمنهج العلمى عندما أصدرت مايشبه المنفستو فى عام 1929 تحت عنوان «رؤية الكون علمياً». ومع ذلك فقد واجهت الحلقة إشكالية نهايتها عندما تساءل بوبر «مَنْ الذى قتل حلقة فيينا؟». وجاء جوابه على النحو الآتي: «أخشى القول بأن أكون أنا المسئول عن ذلك القتل، لأن كتابى الذى أشهرنى وعنوانه «منطق الاكتشاف العلمي» تأخرت ترجمته من الألمانية إلى الانجليزية نصف قرن من الزمان». وإذا تساءلنا بعد ذلك: «لماذا اعتبر بوبر نفسه مسئولاً عن ذلك القتل؟» فالجواب فى رأييِ مردود إلى فارق جوهرى فى أن حلقة فيينا كانت ترى أن أى قضية لن تكون صادقة إلا إذا كانت أحد أمرين: إما أن تكون قضية منطقية أو رياضية لأن صدقها كامن فى داخلها وليس فى خارجها، وإما أن تكون قضية تجريبية ويكون صدقها فى هذه الحالة مرهونا بتطابقها مع وقائع فى العالم الخارجي. فى حين أن بوبر كان يرى أن القضية لن تكون صادقة إلا إذا كان من الممكن تكذيبها مع تطور الوقائع. والمغزى هنا أن الصدق هو البداية والنهاية فى رأى الحلقة بينما القابلية للتكذيب فى رأى بوبر تلزم بالضرورة من القابلية للتصديق.
والرأى عندى أن ذلك الصدام الفلسفى بالعصا أصبح فى ذمة التاريخ لأن الفلسفة ذاتها توارت بل ماتت بفعل شراسة الأصوليات الدينية فى هذا الزمان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mohammed_hmmad
Admin
Admin
mohammed_hmmad


ذكر عدد المساهمات : 15166
نقاط : 25305
تاريخ الميلاد : 22/05/1966
تاريخ التسجيل : 17/04/2009
العمر : 57

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Empty
مُساهمةموضوع: الحادى والعشرين» (225) الدكتور إبراهيم فوزى «أستاذ متميز»    رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Emptyالثلاثاء 24 أبريل 2018, 7:08 pm

 رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ Morad-wahba


الحادى والعشرين» (225)  الدكتور إبراهيم فوزى «أستاذ متميز»


الثلاثاء 8 من شعبان 1439 هــ 24 أبريل 2018 السنة 142 العدد 47986



مَنْ هو الدكتور ابراهيم فوزى؟ وما مغزى مصطلح أستاذ متميز؟. فى السلطة التنفيذية هو وزير الصناعة الأسبق ورئيس هيئة الاستثمار الأسبق. وفى السلطة الأكاديمية هو أستاذ الهندسة الميكانيكية بكلية الهندسة بجامعة القاهرة. وفى السلطة الثقافية هو من أعضاء منتدى ابن رشد الذى تأسس فى عام 2001، ومن أعضاء صالون ابن رشد الذى تأسس فى عام 2017.
أما مصطلح أستاذ متميز فهو لقب أكاديمى يُمنح للأستاذ عندما يكون قادراً على أن يحاضر ويؤلف خارج تخصصه. وعلى هذا النحو يمكن أن يقال عن الدكتور ابراهيم فوزى إنه أستاذ متميز فى الهندسة الميكانيكية والفيزياء النووية. أصدر كتابين خارج تخصصه أحدهما من تأليفه تحت عنوان «عبور اليم إلى ميكانيكا الكم» (2014)، والآخر من ترجمته تحت عنوان «عظماء الكم العشرة» (2018). والمقصود بميكانيكا الكم نظرية فى الفيزياء النووية كان قد أعلنها العالم الألمانى ماكس بلانك فى 17/12/ 1900 أمام عدد من العلماء فى جمعية برلين الأكاديمية للعلوم الفيزيائية ومفادها رؤية جديدة لبنية الذرة. فقد جرى العرف العلمى منذ قديم الزمان أن الذرة غير قابلة لأن تتجزأ. إلا أن هذا العرف قد توارى مع الرؤية الجديدة التى أطلق عليها ميكانيكا الكم. الميكانيكا تشير إلى كيفية السلوك، والكم يشير إلى ما هو أصغر من الذرة وهو يسير فى قفزات. وفى عام 1905 أعلن أينشتين أن الضوء يمكن أن يكون مكوناً من جسيمات وموجات فى آن واحد. وفى عام 1924 تقدم لوى دو بروى برسالة لنيل درجة الدكتوراه انتهى فيها إلى أن الضوء مكون من جسيمات وموجات. وفى مؤتمر سولفاى الخامس الذى كان مكرساً لمناقشة ميكانيكا الكم قال العالم الألمانى هيزنبرج ليس ثمة اتصالً بين الجسيمات لأنها تتحرك على هيئة قفزات وأن الانسان بأجهزته العلمية له دخل فى صياغة القانون العلمى. وبناء عليه أعلن هيزنبرج مبدأ اللايقين الذى من شأنه أن يحدث هزة فى مبدأ السببية الذى يقول بأن لكل نتيجة سبباً. وبالتالى يلزم القول باليقين. وهنا انقسم العلماء فريقين: فريق بقيادة العالم الدنماركى نيلز بور الذى يدعو إلى مبدأ اللايقين وفريق آخر بقيادة أينشتين ويدعو إلى الحتمية. والمفارقة هنا أن لوى دى بروى قد انحاز فى البداية إلى مبدأ اللايقين ولكنه فى النهاية انحاز إلى مبدأ العلية. وأظن أن هنا يكمن مغزى العنوان الفرعى للكتاب الذى ترجمه الدكتور ابراهيم فوزى وهو على النحو الآتى: قصة المعاناة والاخفاق والاحباط والنجاح فى مسيرة الابداع العلمى. وأظن أن هذا العنوان مطابق لما كان يعانيه لوى دى بروى فى ابدعاته العلمية، ولا أدل على ذلك من المعاناة الحادة التى نشأت بين أينشتين ونيلز بور على نحو ما رأيناه فى شأن مبدأ اللايقين. ولكن إذا ارتأينا أن مبدأ اللايقين مردود إلى تدخل الانسان فى صياغة القانون العلمى فإنه يكون من اللازم إعادة النظر فى مفهومنا عن العلم والقانون العلمى.
والسؤال اذن: هل فى الامكان تأسيس علم وقانون علمى بمعزل عن الانسان؟
كانت حلقة فيينا التى تأسست عام 1924 قد انتهت إلى القول بوحدة العلم بمعنى رفض الايجابة عن أى أسئلة فلسفية لأن هذا النوع من الأسئلة سواء جاء من الأخلاق أو ما بعد الطبيعة أو نظرية المعرفة، إذ كل ما تهتم به هذه الحلقة هو التحليل المنطقى. وحجتها فى ذلك أن ثمة علوما قد انفصلت عن الفلسفة مثل الرياضيات وعلم الاجتماع وعلم النفس، وبالتالى يلزم أن ينفصل كل من المنطق ومنطق العلم باعتبارهما منشغلين بالتحليل المنطقى والعبارات العلمية. ومعيار الصدق هنا مردود إما إلى خلو العبارات من التناقض الداخلى وإما مطابقتها مع الوقائع الجزئية الخارجية. أما أنا فأظن أنه مادام أن الانسان بحكم تكوينه يقال عنه إنه حيوان اجتماعى أو بالأدق حيوان سياسى فعلم الفيزياء إذن يلزم أن يكون على علاقة بالسياسة، إلا أن السياسة هنا ليست بالمعنى العملى، أو بمعنى الممارسة العملية، إنما بالمعنى النظرى الذى يعنى أنه جملة العلوم الاجتماعية والانسانية التى تسهم فى تكوين الانسان السياسى أو بالأدق العالم الفيزيائى السياسى الذى يكون قابلاً لتأسيس رؤية كونية بحكم كونه انساناً كونياً، أى على علاقة بالكون. وهذه الرؤية هى رؤية فلسفية بحكم نشأة الفلسفة عند الطبيعيين الأوائل فى بداية تأسيس الفلسفة اليونانية. ومن هنا أطلقت على مجمل هذه الوحدة وحدة المعرفة بديلاً عن وحدة العلم. وفى هذا السياق عقدت أول مؤتمر دولى فلسفى فى عام 1980 تحت عنوان وحدة المعرفة. وفى هذا المؤتمر قال الفيلسوف البريطانى السير الفريد إير: أنت أكثر طموحاً من حلقة فيينا. كان طموحها وحدة العلم أما أنت فطموحك وحدة المعرفة. هذه مجرد تأملات أثرتها وأنا أكتب عن الدكتور ابراهيم فوزى الذى ألقبه بــــأستاذ متميز.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (201) التطور بالتنبؤ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 2انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (101) الإرهاب ومسئولية الفيلسوف
» رؤيتى للقرن الواحد والعشرين - مراد وهبه ... 1 : الخ
» رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (100) مقال للفيلسوف مراد وهبه

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
elwardianschool :: المكتبة :: تحميل كتب :: العلوم الاجتماعية (300)-
انتقل الى: