إدراك أهمية الأخذ بأساليب تربوية متعددة ومتكاملة لمواجهة تأثير هذه الوسائل بصفة سلبية على الأبناء
تضمنت الثقافة الإسلامية نماذج وأساليب متنوعة للتربية يمكن الاسترشاد بها حيث يتعين على الأسر أن تدرك أهمية استخدام أساليب تربوية متنوعة وعدم التركيز على التوجيهات المباشرة، كما عليها أن تجعل هذه الأساليب متكاملة فلا يمنع الوالدان بالتوجيه أو الضرب أولادهما من أمر ما (قد يكون مشاهدة برنامج أو فيلم معين) ويتابعانه، ففي ذلك تناقض يحد من تأثير التوجيهات الأسرية واستدماج القيم الموجهة للسلوك، فقد تنجح الأسرة في ضبط السلوك بوسيلة أو وسيلتين، ولكنها لا تستطيع غرس القيم إلا باستخدام أساليب متنوعة ومتكاملة.
وجود قدر من الاتفاق بين الوالدين في النظرة إلى وسائل الإعلام وفي أساليب التعامل معها
إن استقرار الأسرة يتيح لها أن تقوم بوظائفها في ظروف إيجابية وداعمة، وتعتبر الاختلافات من مصادر النزاعات الأسرية التي تظهر في مجالات متنوعة من أهمها وأكثرها شيوعاً المنازعات حول تربية الأولاد، والأساليب المتبعة فيها.
وتتميز الأسرة عن وسائل الإعلام بالاستمرارية ووجود قدر من الثبات في التوجيهات الوالدية، ولكن اختلاف الوالدين حول أهمية وسائل الإعلام، وما يتوفر من قنوات، وطرق التعامل مع هذه الوسائل يتيح قدراً من الغموض في الموقف ولا معيارية تقلل من شأن المواقف التربوية أياً كان مصدرها.
الاهتمام بتوفير الدعم العاطفي للأولاد كوظيفة مكملة لمهام التنشئة الاجتماعية
تظل الأسرة المحيط الذي يتوقع منه تقديم الدعم العاطفي وما يصاحبه من اهتمام بحاجات الأعضاء النفسية والمعرفية، والجسمية، وقد أكد عدد من التحليلات حول أساليب وشروط تأثير وسائل الإعلام أن الجمهور يتعرض للمواد الإعلامية بصفة انتقائية لإشباع رغبات كامنة أو معلنة لديه ومنها: الحصول على معلومات، أو الترفيه، أو التفاعل الاجتماعي، أو تحديد الهوية.
ويستدعي ذلك اهتمام الأسرة بالتعرف على احتياجات الأولاد، والاعتراف بالفروق الفردية بينهم، وتأثير المرحلة العمرية على طبيعة الاحتياجات، ومحاولة توفير وسائل التعلم والترفيه الملائمة، لإشباع حاجات الأطفال للاستطلاع والترويح. والاهتمام بتخصيص أوقات كافية ومطمئنة للحوار ومناقشة المفاهيم والأفكار.
وحيث يعتبر الأمن من أهم الاحتياجات الإنسانية فإن للأسرة دور هام في حماية الأولاد من التعرض لمشاهد تثير فيهم مشاعر الخوف وعدم الطمأنينة، كما يمكن للأسرة أن تمنع تعرض الأطفال لأنماط حياة قد تقودهم للانحراف، والتعرض للعقوبات، أو افتقاد الشروط اللازمة لتأمين مستقبلهم اقتصادياً
مقاومة عرض كل ما يتعارض مع القيم الدينية والاجتماعية والقواعد الأخلاقية الإنسانية سواء في وسائل الإعلام المحلية أو العالمية، والمشاركة الفعالة في مضمون وأساليب الرسائل الإعلامية
في جميع المجتمعات الإنسانية يستنكر الناس التعرض لما يعتبر في الديانة الإسلامية من الحرمات التي حدد لها ما يناسبها من عقوبات، وتتمثل هذه الحرمات في حرمة الدم، وحرمة المال وحرمة العار، ولا شك أن استمرار مشاهد القتل والتعذيب في معظم الأفلام تعتبر عبثاً متعمداً في حرمة الدم وتجعل المشاهدين أقل تعاطفاً مع ضحايا العنف، وأقل استنكاراً لمشاهد إراقة الدماء، كما أن استمرار عرض أساليب الاحتيال والنصب والسرقات في البرامج والمسلسلات التي تبثها وسائل الإعلام تشكل تهديداً للأحكام المتعلقة بحرمة المال، وتمثل الانتهاكات للأحكام المتعلقة بتنظيم العلاقة بين الجنسين تهاوناً ليس فقط بحرمة العار ولكن أيضاً بكرامة الإنسان، حيث يجري استباحة الزنى وتقديم الخصائص الجسدية على الخصائص الروحية والمعنوية لمخلوق كرمه الله عن باقي المخلوقات بالعقل والدين، ويتضمن ذلك انتهاكاً لمعظم القيم الأسرية.
ومن خلال قيام الأسرة بدورها كوسيط صاقل وقامع ومؤثر يتشكل التفاعل الواعي مع وسائل الإعلام حيث يجري التعامل معها بصفة انتقائية، والاعتراض على استمرار هذا العبث في المعاني والقيم المميزة للمجتمعات البشرية، وتتكاتف الجهود لقمع وإيقاف ومعاقبة مصادر الرسائل الإعلامية المخالفة للقواعد الدينية والأخلاقية المنظمة للحياة الاجتماعية في محيط الأسرة وخارجها.
كما يتضمن ذلك تنمية الشعور لدى الأسر والأفراد بأهمية المشاركة في إنتاج الرسائل الإعلامية وفي مضامينها باعتبارها مسؤولية مشتركة بين وسائل الإعلام والأسرة وباعتبار أن فاعلية هذه الوسائل تحددها فاعلية الأسر والأفراد المتفاعلين معها.
ويعتبر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم المعايير التي تقيم على أساسها الأمم والمجتمعات فقد قال جل وعلا: ]كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله.[
وختاماً ندعو إلى دعم جهود الأسرة والحد من الانفلات الإعلامي الذي أصبح خطراً يهدد استقرار الأسر والمجتمعات وأصبحت مقاومة تأثيره تشكل عبئاً إضافياً على الأسرة المعاصرة ومعضلةً قد لا تمكنها ظروفها ومواردها من التغلب عليها.