تعد المكتبات في الحضارة العربية الإسلامية من أهم المؤسسات الثقافية التي عني بها المسلمون، وكان لها دور كبير في الحياة الثقافية والعلمية، ولقد انتشرت هذه المكتبات في جميع أرجاء الدولة الإسلامية، فوُجدت في قصور الخلفاء، وفي المدارس، والكتاتيب، والجوامع، ويعرض هذا المقال إضاءات ورؤى على مكتبات خاصة جدًا هي: مكتبة الفتح بن خاقان، مكتبة حنين بن إسحاق، مكتبة ابن الخشاب البغدادي، مكتبة الموفق بن المطران، مكتبة القفطي، مكتبة ابن فاتك، مكتبة إفرائيم الزفان، مكتبة العماد الأصفهاني. "المكتبات الخاصة" هذه النوعية من المكتبات أنشأها العلماء والأدباء وأهل الفكر لاستعمالهم الخاص، وهذا النوع من المكتبات كان كثيرًا جدًا، بل يمكن القول أنه كان واسع الانتشار في أرجاء المعمورة الإسلامية. وفي الواقع أنه كان من العسير أن نجد عالمًا أو أديبًا أو مفكرًا أو رجلاً يشتغل بالتأليف والإبداع والتحقيق دون أن يكون له مكتبة خاصة به، يرجع إليها في دراساته واطلاعاته وكتاباته، وبالطبع كانت هذه المكتبات عزيزة على قلب صاحبها، يضحي بالغالي والنفيس من أجلها. وفي هذه السطور سنقوم باختيار عدد قليل من هذه النوعية من المكتبات، التي نتحدث عنها من منطلق كونها مكتبات الخاصة كان لها دورًا تعليميًا واضحًا، ثم آلت إلى أن تكون مكتبات عامة مفتوحة الأبواب للباحثين والدارسين والقراء دون قيد أو شرط. وفي رأينا المتواضع أن المكتبة التي تفيد الناس وتفتح أبوابها لهم في كل وقت، دون شروط أو قيود، هي المكتبة الجديرة بالكلام والحديث، فعندما تحبس الكتب عن الناس، وفي مقدور صاحبها أن يفيدهم بها فذلك فعل مشين لا يليق بمحب الكتب، العارف بدورها في التحضر والثقافة.
الاستشهاد المرجعي بالمقال:
يسري عبد الغني عبد الله، من تاريخ المكتبات في الحضارة العربية الإسلامية: المكتبات الخاصة.- دورية كان التاريخية.- العدد السادس عشر؛ يونيو 2012. ص 52 – 58.