elwardianschool
عَتْمَةُ المَاضِي .. وَانْبِلاجُ القَدَرِ 282511_266363923390799_100000515812319_1108688_1944685_n
elwardianschool
عَتْمَةُ المَاضِي .. وَانْبِلاجُ القَدَرِ 282511_266363923390799_100000515812319_1108688_1944685_n
elwardianschool
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

elwardianschool

مـنـتـدى مـــكـتـبــة مـدرسـة الـورديـان الـثـانـويـة * بـنـيـن...( تعليمى.متنوع.متطور )

 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
نتمنى لكم قضاء وقت ممتعا و مفيدا فى المنتدى

 

 عَتْمَةُ المَاضِي .. وَانْبِلاجُ القَدَرِ

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
mohammed_hmmad
Admin
Admin
mohammed_hmmad


ذكر عدد المساهمات : 15166
نقاط : 25305
تاريخ الميلاد : 22/05/1966
تاريخ التسجيل : 17/04/2009
العمر : 57

عَتْمَةُ المَاضِي .. وَانْبِلاجُ القَدَرِ Empty
مُساهمةموضوع: عَتْمَةُ المَاضِي .. وَانْبِلاجُ القَدَرِ   عَتْمَةُ المَاضِي .. وَانْبِلاجُ القَدَرِ Emptyالأربعاء 03 أغسطس 2016, 7:40 pm

عَتْمَةُ المَاضِي .. وَانْبِلاجُ القَدَرِ


عَتْمَةُ المَاضِي .. وَانْبِلاجُ القَدَرِ 13920975_566465933532991_1993254333515463341_n



عَتْمَةُ المَاضِي .. وَانْبِلاجُ القَدَرِ
في ذلك اليومِ البعيدِ، البعيدِ جدًّا، بدا لي أن أشياءً كثيرةً قد تغيَّرتْ؛ فبدوتُ مُعَذَّبًا وأنا أقضي عُمري مقاومًا الضَّغائِنَ والجهلَ والجهالةَ. فلم أكن قبلها في جَمْعِ البَشَرِ، الذين هُمْ: "مِثل البهائمِ جُهَّلًا جَلَّ خالقهم!". فلم تهيمن على نفسي قط حكاياتُ العجائزِ المُتَكَأكِئِينَ في المقاهي، ولم يُصَبْ عقلي بالدُّوارِ من سِحرِ الحكاياتِ. ولم أكن قبلها أرى نفسي كأيِّ إنسانٍ تشي جوانحه بأنه يشعر دائمًا بالتَّعاسةِ والانكسار، ويطارده الإحساسُ بالعبثِ والأحلامِ الغريبةِ ليرى فيها إنسانيةً جديدةً محرَّمةً، تَنُمُّ على شبقيةِ انحلالٍ غيرِ سَوِيِّ وإباحيةٍ قذرةٍ، بل كانت تتخايل أمام عينيَّ الذَّاهلتين المضطَّربتين، من خلالِ سحاباتِ الدُّخَّانِ المُضْمَخِ بشَذَا السِّحْرِ المحرَّمِ الغامضِ، فكنتُ بلا شكٍّ إنسانًا غريبًا، أنطوي على سِرٍّ دفينٍ، أعي خوائي النَّفسيَّ تمامًا، ولا أجد ملاذَ روحي إلا في الأحلامِ والأوهامِ.
والآن أرى أنه لا يمكن لأيِّ إنسانٍ أن يتخيَّل مدى بُغضي واحتقاري للبشرِ، فكنتُ، وباختصارٍ، أسيرٌ في ملكوتٍ خاص بي وحدي، وأرى في نفسي تعاليًا كفيلًا بأن يجعل هؤلاء البشرَ يرونني إما مختلًّا أو كافرًا، ولكنني أكادُ أُجْزِمُ أنهم كانوا يرونني الاثنين معًا! فكنتُ إذا ما سِرْتُ بدا لي إذ أراهم أن الشَّوارعَ تنضحُ برائحةِ الغائطِ، وأن منازلهم تفوحُ منها رائحة البولِ وروثِ الجرذانِ، وكنتُ إذا ما جالستُ أحدهم - مضطَّرًا، أضع على فمي وأنفي منديلًا معطَّرًا؛ لأتلاشى به رائحةَ العَرَقِ والملابس غيرِ المغسولةِ، وإذا ما توجَّه بمخاطبتي أسأله أن يشيح بوجهه عني؛ لتبتعد رائحةً أسنانه المتعفِّنَةِ في فمه النَّتِنِ. ولا أستطيع أن أنسى حتى ذلك الحينِ أنني كنتُ أردِّدُ لنفسي كُلَّ صباحٍ، قائلًا: «اليومُ سألقى من النَّاسِ مَنْ هو متطفِّلٌ ومَنْ هو جاحدٌ ومَنْ هو عاتٍ عنيفٍ، وسأقابل الغادرَ والحسودَ ومَنْ يؤثر نفسه على النَّاسِ!». ولا أستطيع أن أنسى أيضًا تلك النَّظرةَ البغيضةِ المرتسمةِ على وجوههم البائسةِ الشَّاحبةِ اللاهثةِ، وتبدو جليةً على محيَّاهم سطوةُ الأحزانِ والقهرِ وضياعِ العُمرِ؛ تلك الوجوه التي لن تُخَلِّفَ أيَّ أثرٍ وراءها في التَّارِيخِ.
ما كنتُ أؤثرُ نفسي، ولا أبغضها، فلا أراني ملاكًا أو قدِّيسًا ولا حتى أراني شيطانًا مَرَدَ على الكراهيةِ والبغضاء! أيًّا ما كنتُ فإنني في النِّهايةِ أراني إنسانًا مجبولًا من لحمٍ ودمٍ ونَفْسٍ وعقلٍ موجَّهٍ؛ ولكنني أيضًا لا أراني من البشرِ، الأحياءِ أهلِ الدُّنيا فأستطيع التَّعَامُلَ مع أمثالهم وأشباههم من البشرِ، ولا أراني من أهلِ الآخرةِ الموتى الذين يحاسبون على ما اقترفتْ أيديهم في الدنيا. فرأيتُ نفسي حينئذٍ ﻛ"أهلِ الأعرافِ"، الذين دونهم أبوابُ الجنَّةِ موصدةُ، ولا تَطَلِعُ عليهم الأفئدةُ. فقد غدت الجنَّةُ – جنَّتي - ﻛ"امرأةِ العزيزِ" إذ غَلَّقَتْ على عشيقها الأبوابَ، وقالت: «هَيْتَ لَكْ». فيا ليتني كنتُ مثل يُوسُفَ أرى حُسن طَلَّتِهَا، وبريقَ طَلْعَتِهَا، أو أن أرى بُرهانَ ربِّي؛ فمنذئذٍ قد بَدَتْ لي الجنَّةُ وكأنما مُسِخَت بها الكثيرُ من الوجوهِ المبشِّرَةِ بالفِردوسِ، أو كأنهم طُرِدُوا، أو أن الجنَّةَ قد سُرِقَتْ منهم، وكأنما نَبَتَ الزَّقُّومُ بين أيكِ الجنَّةِ، وأُطْفِئَتْ دوني ودونهم أنوارُها، وجُلِّلَتْ نَّوَافِذُها المطِلَّةُ على الأنهارِ والوديانِ بالحُجُبِ والسُّتُرِ السُّودِ، وغُلِّقَتْ أبوابُها الثَّمانيةُ، على كُلِّ بابٍ ثمانيةُ أقفالٍ ثقالٍ غلاظٍ، ودوني مفاتيحها التي لا يحملها إلا عُصبةٌ؛ زِنَةُ كُلَّ مِفتاحٍ سبعةُ أرطالٍ، وكُلُّ رطلٍ منها ما يعادلُ ثِقلَ يومٍ من أيامِ القيامةِ، وفي كُلِّ يومِ قيامةٍ خوفٌ يعادلُ خوفَ سبعين ألفِ سنةٍ أو يزيدون عما نَعُدُّ ونحصي، وفي كُلِّ خوفٍ ويلاتُ الخيبةِ والأسى.
* * *
سمعتُ النَّاسَ يقولون أن الشَّمسَ تغسل السَّماءَ كُلَّ صباحٍ حين يسطع نُورُهَا، ويشعُّ بَرِيقُهَا من الأُفُقِ الشَّرقي البعيدِ. وتغسل أيضًا سطحَ البحرِ وتحوِّله إلى نورٍ كُلِّيٍّ صافٍ يزهو بألوانٍ غيرِ متناهيةٍ، فيصعب تَحَمُّل أَلَقَهَا ودَهشَتَهَا وسطوةَ بَرِيقِهَا على العيونِ المنبهرةِ. فتعجبت حينها من هذه البدعِ والتُّرَهَاتِ. ولكن، أحمدُ الله تعالي إذ انتشلتني يدُ القَدَرِ الرَّحيمةِ في اليومِ عينه، ولكن لم تبتعد عني يدُ القضاءِ العاتيةِ قيدَ أُنْمُلَةٍ.
يومها بدا الضَّبابُ يحجبَ الرُّؤيةَ، ولكن الشَّمسَ بدت في ذلك اليومِ في أوجِ طَلْعَتِهَا على غيرِ العادةِ، ولكن الضَّبَابَ بدا كثيفًا كأمواجِ البحر العاتية؛ ففي الشِّتاءِ تتلاعبُ الآلامُ والذِّكرياتُ بالأذهانِ مُخَلِّفَةً من ورائها أسىً بالغَ.
ولكن هاهنا المكان مظلم كما لو أنني داخل كهفٍ. فقد خَلَّفْتُ ورائي المسجدَ والنُّخَيلاتِ الباسقاتِ غيرَ وارفاتِ الظِّلِّ والسَّعَفِ. ومضيتُ إثرَ شيخي نحو ظُلمةٍ لا أعرفُ كُنُهَهَا.
هذا هو المكان الأفضل لي منذ ثلاثة أشهر، أتوارى فيه في اللَّيل حيث الفضاءِ الواسعِ خلف المسجد، البعيد عن أعين الرُّقباء – وإن كان بداخلِ حيز العُمران.
هذا المكان الذي لم أعرف مكانه إلا منذ عشرة أشهر، أي قبل أن يتوفى شيخي بشهرين اثنين فقط، ولم يسمح لي قط خلال هذين الشَّهرين، أن أزور هذا المكان أبدًا، فكنتُ كلما حاولتُ وهَمَمْتُ بالذِّهابِ إليه اختلاسًا، أَجِدُ صوتَ الشَّيخِ يتردَّدُ هاتفاً في أُذُنَيَّ فيقول كلمتين لا ثالث لهما: «أبا المنذر، لا تفعل». كأنه يعلم ما في سريرتي ودخيلتها، حتى وإن كانت النِّيَّة فقط، وإن لم يكن يراني حتى.
لا أعلم أهو جِنٌّ؟! أم أنه كشفٌ من مكاشفاتِ الصُّوفية التي طالما حدَّثني عنها؟! ولكن هو ذا المكان الذي مُنعت دخوله لشهرين، يصبح ملجأي وملاذي ومأواي.
في البداية وقبل التَّطَرُّق أو الدُّخول في أيَّةِ تفاصيل، عليكم أن تعرفوا كُنه هذا المكان. أوَّلًا يجب الالتفاف إلى الجهة الخلفية للمسجد التي تبدو للنَّاظرِ لأوَّلِ وهلةٍ بأنها كانت تتبعه، ولكن في الحقيقة هي لا تَمِتَّ له بأيِّ صِلَةٍ، فقد كانت منازل أو بمعنى أدق "تكية" لأفرادِ "جمعية الهيرمانداد"، الذين عرفوا بالمجاورين ﻟ"شيخ السِّرداب" ﻟ"لإمام سِّرِّ الوقتِ" أو "الخُوجه" مهما كان اسمه، ومهما كان هو.
وأما المكان، فقد أصبح طللًا، ورسمًا دارسًا، وأثرًا بعد عين. فالجماعة لم يعد فيها أحدٌ منذ أكثر من قَرن، ولم يبقَّ سوى "شيخ السِّرداب" أو "الخُوجه" الذي يعهد بالسِّرِّ إلى فردٍ آخر ليكون "الخُوجه" من بعده، حتى وصل الأمر إلى شيخي، والذي عمل جاهدًا لاستقطابِ أفرادٍ لينضموا إلى الجمعيةِ ومن بعده وصل إليَّ، فأصبح المكان ملكي، في حوزتي.
وأما عن المكان نفسه فأصبح مجرَّد أربعة جُدران تتخللها أعمدةٌ، كلهن قد أصابهن البِلَى، وجرى عليهن الزَّمن فجَارَ عليهن، ومن ثَمَّ تآكل المبنى، وتصدَّعت أركانه، فتهدَّمت الجُدران والأعمدة، وتساقطت أحجارها، ثم أصبح نسيًا منسيًا، طواه الزمن، ثم عفا عليه. وأما عن السِّردابِ، فإذا أردتُ الوصول إليه، فعليَّ أن أُزيح كمَّاً غير قليلٍ من الرَّمل عن ثلاث قِطَعٍ من المرمر، فيمكن بعدها أن أنزل الدَّرَج منفردًا.
إذا دنا الإنسان من السَّبع عشرة درجة انفصل من عالم المحسوسات غير الواقعي فيتدلى إلى عالمِ الخيالِ الواقعي! أظنُّ الآن أن النَّاسَ سيحتاجون زمنًا طويلًا؛ ليستوعبوا ما حدث لهم، أو بمعنى أكثر دقة ليستوعبوا ما حدث لي. فإذا ما نزلتَ الدَّرجات انفصلتَ منذ أول وهلةٍ عن الحاضر فتصير قاب قوسين أو أدنى من الماضي - الماضي السَّحيق - لتذوب في عَبَقِهِ. فتُسحب روحك كما تَسحب موجاتُ البحرِ العارمةِ كُلَّ شيءٍ في طريقها، وتسري بعيداً عن حياة البشر المُتَلَوِّنِين بكُلِّ فلسفاتهم الوهمية وأفراحهم الزَّائفة، ثم تَنْسَلَّ من بين خيبات الواقع المُزري وآهاته وآلامه، كما يَنْسَلَّ الخيطُ الرَّفيع من الثَّوب، قبل أن تتحول إلى طوفانٍ يعقبه الصَّمْتُ، الصَّمْتُ المريرُ، حيث لا حياة بعده، تمامًا كما في بَدْءِ الخليقةِ، أو كحياةِ البرزخِ بعد الموت. يَحْدُوكَ بين هذا وذاك شيءٌ كالموجةِ السَّاحقة، التي لا عيون، ولا ذوق، ولا قلب لها، وربما لا ذاكرة لها أيضًا؛ لأنها هي المَحْوُّ عينه.
لا أجد وصفًا أكثر دِقَّةٍ مما قلتُ عن إحساسي حين أنزل إلى هذا السَّرداب، فإنه – إحساسي - كالحمأة تعتريني، فتعتصرني، شجاعةٍ ما تواتيني على غفلةٍ أو جُبْنٍّ تتسربل حولي كجلدي. وجع لا يشبه وجع الضِّرس أو العين – الذي ربما قد اعتدته – فيوقظني إن كنتُ في عزِّ النَّومِ، ويلكزني إن كنتُ صاحيًا أو على حافةِ الصَّحْوِّ. دفقٌ غريبٌ مشاكسٌ يتسلَّل عبر مساربِ عروقي. يجرُّني. يهبط بي إلى أعمقِ وهدةٍ في أعماقِ هذا الكونِ، ويرتقي بمعيتي إلى أعلى شاهقٍ، يدعوني لأن أنظر، فأرى البحرَ في قطرةِ ندى، والمجرَّاتَ في حزمةِ شعاعٍ، والبراكين في جذوةِ نارٍ، والكونَ في عباءةٍ. فيغريني ذلك لأن أتنصت، فأصيخ السَّمع، فإذا النَّأمة هدير، والآهة صرخة مدوِّية، والهمسة بوح، ولا يخليني قبل أن يذيقني طعم الدَّمع وطعم النَّشوة.
والآن لعل قائلًا يسأل متعجِّبًا: «ما الذي يحملكَ ويُلقيكَ في أتونِ تلك الحمأةِ؟!». ليس الغِنى، ليس الفقر أو العَوَز، ليس الجوع أو العطش، ليس التَّضور أو التُّخمة، ليس الرَّفاه أو الحرمان، ليس الدِّعة أو النَّصَب، ليس السُّقام أو العافية، ليس الخوف أو الاطمئنان.. أضف إليها ألفَ ألفٍ من أضَّادِ شعورِ النفسِ البشريةِ! ما من عاملٍ واحدٍ من تلك العواملِ يصحُّ جوابًا دون غيره. ولكنها، كلها مجتمعةً ومنفردةً معًا، وقد تتلخَّص بكلمةٍ واحدةٍ: «الحاجة». حاجتي للمعرفةِ، كحاجةِ الإنسانِ العادي للشَّهيقِ والزَّفيرِ، بدونهما لا حياة، وهي علاوةٌ على ذلك ملاذي وسلواني، أهرع إليه – السِّرداب – إذا عرض لي عارضٌ، أو خطرت ببالي تنبيهاتٌ وأفكارٌ، ولكن لم يَعُد النُّزولُ إليه لمجردِ إشباعِ رغبةٍ طارئةٍ، أو المرورِ من نزوةٍ عابرةٍ، فإن جاذبيةَ المكانِ قد انتشلتني من عالمِ المحسوساتِ إلى عالمٍ غيرِ محسوسٍ، فإذا مكثتُ في مكانٍ غيره بِتُّ كالسَّمكةِ التي تسبح في صحراءٍ!
والآن لم يعد لي إلا أن أقول شيئًا واحدًا، وهو أن لا عبقرية لي فيما سأرويه بعد ذلك. فكُلَّ شيءٍ قُلته قبل ذلك قد عِشتُه أو أحسسته أو ربما كان مجرد قبل أن تحوِّله الموجةُ العارمةُ من مجرد رؤيا صادقةٍ إلى حقيقةٍ مؤلمة. هل يجب الآن أن أُذَكِّر مرَّة أُخرى أن كُلَّ شيءٍ بدأ بروايةٍ، وانتهى أيضًا بروايةٍ؟ عفوًا، فكل شيءٍ قد بدأ بحرقةٍ قاسيةٍ جدًّا، تَلَتْهَا سيولٌ من الأحزانِ والأشجانِ والأتراحِ؛ بسبب حروبٍ، وكَمٌّ لا يحصى ولا يُعد من الوقائعِ المريرةِ التي صَعُبَ عليَّ فهم الكثير منها. وقد رويت ما رويت لك صادقا أمينا، وأتحدى العالم أن يتهمني أحد بالكذب، ولكن بصرف النظر عن مدى صحة ما قلته، فقد يكون ما قلته ورويته صحيح من وجهة نظري أنا فقط؛ لأن لكل منا حقيقته، أو رؤيته، ولكن هذه الرؤية أو الحقيقة ليست أكثر من لقطة من لقطات العالم الذي لم أعشه ولم أدركه؛ فإن كُلَّ شيءٍ قد بدأ بروايةٍ، وهاهي الرِّوايةُ ستنتهي بكتابةٍ فروايةٍ يعقبها روايات أو كتابات. لا أعلم، هل ستنفتح بدورها على كُتبٍ أُخرى، لا أحد يعرف أسرارها الخبيئة، ولا بلاغتها الخدَّاعة، التي تحمل بين طياتها آلاماً؟!
لا أحد يعلم متى بدأتْ هذه الرِّواية، أو الرِّوايات! أو كيف اتصلتْ سلسلةُ الرُّواةِ الطويلة، قديمًا وحديثًا، حتى وصلتْ إليَّ؟! لا يمكن التَّنَبُّؤُ بمثلِ هذا، ولا أحد يعلم عن ذلك إذ يكذب المنجِّمون، حتى وإن صدقوا، فساندتهم الصُّدفة، ولم تعبث بهم الأقدار! فكُلُّ شيءٍ جاء مثلما كان محفوظًا في صدورِ الرِّجالِ على مَرِّ العصورِ، منحوه ما شاءوا من الوقتِ حتى ينبثق من الفردِ إلى الفردِ، وهاهو يخرج إلى النُّورِ، وأحسبه الآن يتنفس الصُّعداء.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
عَتْمَةُ المَاضِي .. وَانْبِلاجُ القَدَرِ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
elwardianschool :: المكتبة :: من أخبار أصدقاء فى الكليات والحياة العامة-
انتقل الى: