mohammed_hmmad Admin
عدد المساهمات : 15166 نقاط : 25305 تاريخ الميلاد : 22/05/1966 تاريخ التسجيل : 17/04/2009 العمر : 57
| موضوع: مقتطفات من مجلة أكتوبر : No1971-10/08/2014 الأحد 10 أغسطس 2014, 2:48 pm | |
| مقتطفات من مجلة أكتوبر : No1971-10/08/2014
مفهوم الجهاد فى الإسـلام | |
| |
|
بعض الكتاب الغربيين - وأيضا المتغربين - يظلمون فكر الإسلام وموقف المسلمين الذين يخالفونهم فى الدين، وذلك عندما يتوهمون أن فكر «الجهاد» فى الإسلام إنما يعنى: أن على المسلم أن يحارب ويقاتل مخالفيه فى العقيدة الدينية، حتى تزول الديانات الأخرى من الدنيا، ويكون الدين كله لله.. بل إننا لن نعدم وجود نفر قليل من المسلمين قد وقعوا فى هذا الوهم الغريب!. وينقض هذا الوهم أن مراد الإسلام بكون «الدين كله لله»: أن يتحرر المتدين من الإكراه، وعبادة الطواغيت، وأن يعبد الجميع الإله الواحد، بصرف النظر عن الشرائع التى يسلكونها -كمناهج وطرق - إلى التدين بالدين الإلهى الواحد، وبصرف النظر عن الرسالات، السماوية والرسل الذين حملوها إلى أممهم.. ذلك أن تعدد أمم الرسالات السماوية سنة من سنن الله -سبحانه وتعالى -أزلا وأبدا، فلقد جعل لكل أمة شرعة ومنهاجا( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً) المائدة: 48 - وحكم بأنهم لا يزالون مختلفين ( وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ) هود: 119 - أى وللاختلاف خلقهم!. وهو -سبحانه- لو شاء لجعل الناس أمة واحدة، أى دينا واحدًا!. كما أن الجهاد فى الإسلام لا يعنى «القتال» فقط، وإنما يعنى أخذ النفس بالجهد والمعاناة التى ترقى بها عن مراتب الكسل والمراتب الدنيا والنصيب الدون!.. والقتال سبيل من سبل الجهاد وشكل من أشكاله، وليس هو كل الجهاد.. بل إن الجهاد القتالى -فى الإسلام - خاص فقط برد العدوان القتالى، للدفاع عن الدين والوطن ( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) البقرة: 190. ولم يكن الجهاد الإسلامى - ولن يكون - فى يوم من الأيام إكراها على تغيير العقائد -كما هو الحال فى الحرب المقدسة التى مارستها الكنيسة الغربية.. وفى التنبيه على هذه الحقيقة تقول المستشرقة الألمانية «سيجريد هونكه» (1913 - 1999م) «إن الجهاد الإسلامىليس هو ما نطلق عليه مصطلح الحرب المقدسة بل هو كل سعى مبذول، وكل اجتهاد مقبول، وكل تثبيت للإسلام فى أنفسنا، حتى نتمكن فى هذه الحياة الدنيا من خوض الصراع اليومى المتجدد أبدا ضد القوى الأمارة بالسوء فى أنفسنا وفى البيئة المحيطة بنا عالميا.. وهو التأهب اليقظ الدائم للأمة الإسلامية للدفاع برد كافة القوى المعادية التى تقف فى وجه تحقيق ما شرعه الإسلام من نظام اجتماعى إسلامى فى دار الإسلام». بينما كانت الحروب المقدسة مذابح للإكراه فى الدين، ومجازر للمخالفين.. يتقربون بها إلى ربهم كأعظم القرابين!. بل إن الموطن الوحيد الذى وصف فيه الجهاد بالكبير كان الجهاد بالقرآن والدعوة بالتى هى أحسن) فَلا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيرا ) الفرقان:52. ثم إن القرآن الكريم قد رسم للمسلمين معيار المصادقة والموادة مع مخالفيهم فى الدين، ومعيار العداء والجهاد - ومنه القتال - ضد هؤلاء المخالفين، وهو فى هذا المقام لا يجعل المخالفة فى العقيدة هى المعيار، وإنما يجعل بدء هؤلاء المخالفون بقتال المسلمين فى دينهم وفتنتهم عن عقيدتهم، أو إخراجهم عن ديارهم، اقتلاعا بالطرد والتهجم أو عزلا بانتزاع مقدرات الوطن من أيديهم - وكذلك المساندة والمساعدة على الإخراج للمسلمين من ديارهم.. جعل ذلك هو المعيار فى المصادفة والمودة أو فى ضدها بين المسلمين ومخالفيهم فى الاعتقاد: (لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) الممتحنة:8- ولقد تكون بين المسلمين وغيرهم «عداوة» لم تتحول إلى «قتال».. وفى مثل هذه الحالة يتحدث القرآن الكريم عن الأمل والرجاء فى أن تحل «المودة» محل «العداوة»: (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) الممتحنة:7. وإذا كان القتال هو ذروة الصراع.. الذى يزيل فيه القوى الضعيف فإن فلسفة الإسلام فى الاجتماع قد جعلت التعدد والتنوع والاختلاف سنة من سنن الله التى لا تبديل لها ولا تحويل، ولذلك رفض الإسلام ويرفض «الصراع» وأحل محله «التدافع»، الذى هو حراك اجتماعى يعدل المواقف، مع الحفاظ على التعدد (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) فصلت:34. ولقد كان تاريخ الإسلام والمسلمين - خاصة فى عصور الازدهار - التطبيق لهذه المعانى والمعايير، فصادقوا بناء على المصلحة الشرعية المعتبرة، وقاتلوا الغزاة الذين سعوا لاحتلال أوطانهم واغتصابها، أو من ساعد منهم على هذا الاحتلال، وذلك دون أن يعيروا أكبر اهتمام للانفاق أو الاختلاف فى المعتقدات. |
| |
|