معرض الكتاب الدولى الـ44 ( 2013 ) مدينة نصر

مقدمة تاريخية:

منذ دبت الحياة على سطح هذا الكوكب والإنسان مشغول بكيفيات التواصل مع الآخر... وعودة إلى الإنسان البدائى الذي أعمل عقله وصنع لنفسه طرقًا للحوار مع الآخر بداية من إصدار أصوات ـ ليست لها ماهية ـ وترديدها بينه وبين ذويه، إلى الرسم على جدران الكهوف والحفر على الصخور والنقش على الرقاع والجلود.. وأخذت هذه الكيفيات تتطور وتتقدم مع مرور والأزمان إلى لغات عدة تتداول بين البشر؛ فمن الرسم على جدران الكهوف إلى علوم وفنون بصريةأصبحت من فنون الحياة تُدرس وتفرد لها أرقى القاعات حول العالم ليستمتع بها الراغبون فى التعرف عليها من ذوى الذائقة المهتمة بالفن المرئى والمشاهد.. ومن النقش على الرقاع والجلود إلى أحرف تجمع بطريقة دفتى كتاب، أوتتناقل بوسائل تكنولوجية حديثة عبر فضاءات وموجات العالم ليستقى منها القراء الباحثون فى شتى المعارف زادهم دون بذل جهد أو مشقة.. هذه المقدمة تعطينا دلالة على أن الحضارات لم تقم إلا بإبداعات الشعوب، وأن العلم والتنوير لم ينتجا إلا من خلال التدبر وإعمال العقل، وكما قال المتوكل Sad

العقل سلطان وله جنود ..فرأس جنوده التجربة ، ثم التمييز، ثم الفكر، ثم الحظ، ثم سرور الروح، إذ لا ثبات للجسم إلا بالروح، والروح سراج.. ونوره العقل). فبالتحاور بين العقول والمناقشة الإيجابية على اختلاف تنوعاتها تصب جميعًا فى النهاية إلى ما ينفع العالم أجمع.

ومعرض القاهرة الدولى للكتاب أحد هذه الأماكن الشهيرة التى أخذت على عاتقها تجميع الشعوب فى وقت واحد لتتحاور وتتبادل وجهات النظر فى المناحى كافة، وتخرج بأهداف مثمرة تفيد ولا تضر.

وقد نبع هذا العرس الثقافي الكبير(عرس وزارة الثقافة والهيئة المصرية العامة للكتاب) من أرض طاهرة ـ جُبلت على إخراج الخير وتكفلت بحفظ الأمان لكل من عاش عليها لا تفرق بين دين ولا معتقد، وإنما تحتضن الكل تحت سمائها فى وئام وسلام ـ، وقد تأصل هذا العرس وتجذر؛ فأشاع نورًا عُرف به وأضحى معلمًا يعرف بأثره، ويضاهى أعرق المعالم المصرية؛ فكما يجرى النيل غامرًا بمائه الربوع والفيافى فيحيلها جنة خضراء؛ فإن المعرض جرى بما يحويه من تنوع المعروض والمنشور والمسموع والمشاهد ينشر الفكر والثقافة زادًا لكل الوافدين إليه والآخذين عنهم.

بدأ سطوع هذا الحدث على العالم من أرض الجزيرة بالقاهرة منذ أواخر الستينيات(1969) كمشروع قومى عربى يجمع الشعوب العربية تحت لواء العلم والمعرفة فى ظل ريادة مصرية تأخذ بيد الجميع نحو التقدم والتوحد.. وقد سار هذا الحدث بخطى حثيثة تحت ظل ورعاية حماة الثقافة وبمجهودات عظيمة تذكر لكل من ساهم لخروجه كحدث مهم فى حياتنا الثقافية المصرية والعربية، إلى أن جاء إلينا فى نسخته الثانية والأربعين هذا العام وهو يحمل الكثير والمتنوع لزواره ورواده.

ويشارك أيضا جميع قطاعات وزارة الثقافة في الفعاليات؛ حيث يضم المعرض أنشطة واحتفاليات ثقافية وفنية وأدبية وأجنحة لعرض إصدارات مختلف الوزارة، وكذلك تقام مجموعة من المعارض عن: المتحف الكبير، وفن الكاريكاتير، والقاهرة التاريخية ومعالمها كعرض مفتوح داخل سراى العرض الرئيسية.

وقد تم اختيار موضوعات: " الأزمة الاقتصادية العالمية " " انتشار الأوبئة : إنفلونزا الخنازير كمثال " " الرواية العربية بين الانفجار الكمي والازدهار النوعي " كمحاور رئيسية للدورة الحالية، كما أعدت الهيئة المصرية العامة للكتاب أنشطة ثقافية متنوعة تبلغ 13 نشاطًا، وقد استحدث هذا العام نشاطان جديدان تحت مسمى "النشاط المهني للناشرين "وهى عبارة عن 9 ندوات تهتم بمناقشة بعض المؤلفات مع كاتبيها وكذلك استضافة بعض الشخصيات العامة للحديث عن قضايا مهمة والتحاور مع زوار المعرض، و"شهادة تقدير" وهو النشاط المخصص لتكريم مجموعة من المثقفين والمفكرين فى مناحٍ مختلفة لما قدموه من خلاصة فكرهم وإبداعهم وما أثروا به الحياة الثقافية ليس على مستوى مصر وحدها ولكن على مستوى الوطن العربى أجمع..