( حتى أنت يا بروتس....إذاً فليمت قيصر )

( حتى أنت يا بروتس....إذاً فليمت قيصر )

إنها مقولة ذائعة الصيت ومنتشرة بشدة وتضرب للتدليل علي الخيانة بين الأصدقاء
فإذا جاءتك الطعنة والخيانة من صديق مقرب وكان ألمها يفوق احتمالك..........
ويكون وقع الصدمة عليك شديداً ومدوياً...لا نجد سوي أصدق من تلك الكلمة لندلل بها علي ما أصابنا من جراء خيانة ذلك الصديق..وعدم توقعنا أن تأتي الطعنة منه هو!!

ولكن لنطلق العنان للعقل قليلاً..ونحاول أن نفكر..هل كان بروتس خائناً فعلاً لقتله
صديقه القيصر ؟

أم كان علي حق في فعلته تلك؟؟

ومن كان الخائن الفعلي.. هل هو بروتس أم قيصر ؟؟


بالعودة إلي التاريخ نجد أن يوليوس قيصر ولد في ظروف غير طبيعية..حيث اضطر الأطباء لبقر بطن أمه لاستخراج هذا الجنين والذي استطاع أن يحكم روما ويسيطر علي العالم ويهزم القائد العظيم ( هانيبال)

وقد تربي يوليوس قيصر علي يد الفلاسفة...وكلما أخذته نشوة النصر وزهو السلطة والحكم ورفع رأسه عالياً عند تحية شعبه إليه نبهه فيلسوفه قائلاً ( تذكر أنك إنسان)
فيخفض رأسه على الفور...
ولكن النفس أمارة بالسوء..تساعدها وتسهل مهمتها تلك..وجود الحاشية المنافقة
والموالسين له والمستفيدين من وجوده علي سدة الحكم...الذين أخذوا في مدحه ونفاقه
وجعلوا منه الحكيم الأوحد..والمفكر الأعظم..والذي لا ينطق إلا صواباً..وصاحب
الجولات والانتصارات والإنجازات...وأن ما تحقق في عهده يعجز عن تحقيقه شخص غيره..
فسولت له نفسه أن ينصب نفسه إمبراطوراً ويقوم بإلغاء الجمهورية وجعل الديكتاتورية حكماً مطلقاً لروما...حتى يبقي في الحكم مدي حياته ولأولاده من بعده...كي لا يضيع ما حققه من مجد..
ولكن انظروا معي من وقف ضده ورفض ذلك...إنه البرلمان الروماني( عفواً مجلس الشيوخ) والذي استدعاه لمناقشته في تلك التعديلات الدستورية الهامة ( هذا من الظاهر) ولكن في الباطن كان هناك شيئاً ما آخر...وحدثت تلك المعركة الشهيرة وتم قتله...
ولكن عند رؤيته لخنجر بروتس ( صديقه..ويقال أنه كان ابنا له) ذهل ولم يصدق نفسه وقال مقولته الشهيرة ( حتى أنت يا بروتس.......... إذا فليمت قيصر )
والمضحك أن من أتى بعده هو من استفاد بتلك التعديلات...وليس هو
أما يوليوس قيصر فذكر التاريخ انتصاراته وأطلق اسمه علي أحد شهور السنة
وترك لبروتس وصمة الخيانة التي ظلت عالقة به..وأخذ مثلاً في خيانة الصديق لصديقه..
بعد ما قرأته الآن..هل ما زلت مصمماً علي أن بروتس خائن ؟ أم تغيرت فكرتك ولو قليلاً..هل بروتس الذي دافع عن المبادئ والشرعية ومبادئ الجمهورية الذي تربي عليها ووقف ضد حكم الفرد الأوحد ورفض الاستبداد والإنفراد بالقرار..هو الخائن..أم ذلك القيصر الذي نصب نفسه الحاكم بأمره..وبيده السلطة..بعد أن غرر به منافقيه من ذوي المصالح ؟؟؟؟
إذا كنت بعد ذلك كله تعتقد أن بروتس هو الخائن...فلتجلس في بيتك منتظراً قيصر
كي يقضى عليك وعلي حريتك وآدميتك...انتظر.... ولكن لن تنتظر طويلاً