خبرات ابداعية

خبرات ابداعية

هكذا هم المبدعون وهكذا دائما يقولون .. ليس ذنبنا أن العقول صغيرة أمام إبداعاتنا فلم تستطع فهمنا .. وليس ذنبهم أن فهمنا يصعب عليهم .. المبدعون يؤمنون بأنهم يمتلكون قناعات مختلفة لا تقبل القسمة أو الطرح .. يؤمنون بأنهم ليسوا أفضل ولا أسوء من الآخرين لكنهم مختلفون .. فكن مبدعا يثق بكل من حوله ولا يتكِلُ عليهم .. يصدق المتحدثين ولا يحدث بكل ما سمع .. يطلع على كل ما يهمه ولا يأخذ إلا ما ينفعه .. ثم لتعلم أن الابداع ليس بكلمات على ورق ولا أفكار من نسج خيال بعيد بديع ولا رسومات تجسد معاني جميلة .. ولكن الابداع خلق جم كريم عظيم في قلب اتسع ليحوي ألوان الجمال و أشكاله .. و وجه بشوش حمل ابتسامة صادقة ونور وضاء .. ولسان رطب بكل كلم طيب و كل قول حكيم .. وعقل لم يرضى الخمول وما علم الا ليعمل .. وعينان لا تقع الا على الشهد ولا ترى إلا الحسن وما لها أن ترى سواه وإن رأت سواه .. وأذنان تعلمت السماع لتتعلم .. لا لِتُبدي ما تعلم .. و صدر ملؤه التفاؤل والثقة بالله والتوكل عليه ليبني جسراً من الأمل على بحار من اليأس .. ونفس تواقة ما إن تبلغ القمة حتى تعجب ببريق القمم فتهبط لا لتهبط .. ولكن لترقى قمة أرقى وتبلغ منالاً أسمى .. وجسد لايكل من عمل .. ولاتهلكه الأوهام والملل .. له يدان ماهرتان وقدمان ماضيتان مهما طال الطريق وعز الرفيق .. وأنفاس تتابع لا خوف من الموت ولكن حب لحياة السعداء و كرامة الأحياء .. و روح تملك ما لا يملكه الآخرون فهي ذات جرأة وإقدام .. ولا وجود في قواميسها للتراجع والإحجام .. هكذا هم المبدعون في كل منهم كنز يمشي على يابس الارض ليتركه من بعده جنان غناء و روابٍ خضراء .. المبدع يعرف قدر نفسه التي بين جنبيه فيقدرها حق قدرها فيكرمها ويثق بها .. و يحترم طموحاتها و يقدر أحلامها وأمنيتها .. و رحم الله امرئ عرف قدر نفسه .. ثم إن المبدعين في حاجة دائمة إلى تقييم أنفسهم ومعرفة مهاراتهم وصقل قدراتهم .. و إن الإبداع لبناء كيان من الرقي والتميز .. وكل من لم يدرك ذلك الرقي وذلك التميز فليترك عنه أحلام المتيقظين و ليستمع لما قال ذاك الشيخ الحكيم .. حينما قال عندما كنت شابا حرا طليقا .. ولم تكن لمخيلتي حدود .. كنت أحلم في تغيير العالم .. وكلما ازددت سنا وحكمة .. كنت اكتشف أن العالم لا يتغير .. لذا قللت من طموحي إلى حد ما .. وقررت تغيير بلدي لا أكثر .. إلا أن بلدي هي الأخرى بدت وكأنها باقية على ما هي عليه .. وحينما دخلت مرحلة الشيخوخة .. حاولت في محاولة يائسة أخيرة أن أغير عائلتي ومن كانوا أقرب الناس إلي ولكن .. باءت محاولاتي بالفشل .. واليوم .. وأنا على فراش الموت .. أدركت فجأة كل ما كان سرأً .. ليتني كنت غيرت ذاتي في بادئ الأمر .. ثم بعد ذلك حاولت تغيير عائلتي .. ثم بإلهام وتشجيع منها .. ربما كنت قد أقدمت على تطوير بلدي .. ومن يدري .. ربما كنت استطعت أخيرا تغيير العالم برمته .. و كما قد قيل الكل يريد تغير العالم من حوله .. لكن لا أحد يفكر في تغير نفسه .. فلنبدأ بتغيير أنفسنا ولنلحق بركب المبدعين